في رمضان الماضي 2011م ضعُف زوجي ولم يستطع التحكم بنفسه فوقع عليَّ وجامعني ونحن صيام ، ثم بعد انقضاء ذلك الشهر قضينا اليوم الذي أفطرناه وتبنا إلى الله ، لكننا لم نكن نعلم شيئاً عما يُسمى بالكفارة .
ثم في هذا العام من جديد ضعُف زوجي ، ولكنه قذف قبل أن يجامعني ، لقد نهيته عن أن يعاود هذا الفعل . لكن الأمر بحاجة إلى دُربة . لقد قرأت الكثير عن الأحكام المتعلقة بوضعنا هذا وخلصت إلى أن هناك كفارة يجب أن تصاحب القضاء وهذه الكفارة إما إطعام ستين مسكيناً أو صيام شهرين متتابعين . وأسئلتي هي :
فأي الأمرين ينطبق علينا ؟ هل يجب أن نصوم بعد أن ينقضي رمضان هذا العام ؟ أم ندفع الكفارة نقوداً إلى إحدى المؤسسات الخيرية في بريطانيا وهم من سيقومون بتوزيعها ؟ أم نرسل المبلغ إلى الوطن حيث يكثر الفقراء هناك ؟
وهل علينا كفارة بسبب ما وقع العام الماضي ؟ أم إن زوجي هو وحده من يتحمل الكفارة ؟ لأن الخطأ كان خطأه هو في المقام الأول ، أما أنا فلم أشعر بنفسي في تلك اللحظة.
ملاحظة : بعد أن وقعنا فيما وقعنا فيه هذا العام أتتني الدورة الشهرية بعد فعلتنا تلك بساعات. لقد جاءت في موعدها المحدد ، لكنني مع ذلك تسحرت اليوم التالي وصمت حتى وقت الظهر.
فهل تجب عليَّ كفارة الجماع في هذه الحالة ، أم إنني كنت قد صرت من أهل العذر، وبالتالي لا تجب الكفارة إلا على زوجي فقط . وإذا كان يجب عليَّ شيء من الكفارة فهل يدفعها زوجي بالنيابة عني ؟
أرجو تزويدنا بنصائح من شأنها أن تساعدنا في عدم الوقوع في هذا الأمر مجدداً ، وهل ما فعلناه كبيرة من الكبائر أم لا ؟ وكيف تكون التوبة ؟ سؤال أخير:
لو صمنا من بداية شهر أكتوبر لكي نصوم ستين يوما كما نوينا ذلك ، ولكن عيد الأضحى سيكون في نهاية أكتوبر ، فهل يصح استكمال الصيام بعد العيد حيث لا صيام فيه ؟ هل لك من فضلك أن تخبرني حتي لا نعيد صيام عشرين أو أربع وعشرين يوما ، ونبدأ في صيام الستين يوما من جديد بعد عيد الأضحى الواقع في الخامس والعشرين من أكتوبر.
الحمد لله.
أولا :
ينبغي أن يعلم أن الجماع في نهار رمضان للصائم المقيم ذنب عظيم ، الواجب التوبة منه بكثرة الاستغفار والندم والإقرار بالذنب والتحسر على فعله ، مع كثرة الطاعات ، والعزم على عدم المعاودة إلى ذلك ، ثم إنه يترتب عليه خمسة أشياء :
1- الإثم . 2- فساد الصوم . 3- لزوم الإمساك . 4- وجوب قضاء اليوم الذي أفطره . 5 – وجوب الكفارة .
والكفارة هنا كفّارة مغلّظة ، وهي عتق رقبة ، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين ، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً .
ولا فرق بين أن يُنزل أو لا يُنزل ، ما دام الجماع قد حصل .
بخلاف ما لو حدث إنزال بدون جماع فليس فيه كفارة ، وإنما فيه الإثم ولزوم الإمساك والقضاء .
وينظر جواب السؤال رقم : (22938) ، (148163) .
فما ورد في السؤال : " لكنه قذف قبل أن يجامعني " ، إن كان قد حصل منه إيلاج لذكره في فرج امرأته ، ولو بعد أن أنزل في الخارج : وجبت فيه الكفارة المغلطة أيضا ، لحصول الجماع .
جاء في "الموسوعة الفقهية" (35/ 55):
" لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَى مَنْ جَامَعَ فِي الْفَرْجِ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ عَامِدًا بِغَيْرِ عُذْرٍ أَنْزَل أَمْ لَمْ يُنْزِل " انتهى .
وحينئذ ، فعلى الزوج كفارة عن كل يوم حصل فيه الجماع ؛ فإن كان قد حصل جماع في المرة الثانية : فعليه كفارتان .
وينظر جواب السؤال رقم (12329) .
فإن كانت مجرد ملاعبة ، أو هم بالجماع ، فلما أنزل ، أكسل ، ولم يستطع الإيلاج في الفرج : فلا شك أنه آثم بذلك ، متعد لحدود الله ، تلزمه التوبة ، هو وزوجته إن كانت مطاوعة له ، ويلزمهما قضاء اليوم الذي أفطراه فقط .
ثانيا :
من علم أن الجماع في نهار رمضان حرام ولكنه لا يعرف أن فيه الكفارة ، فإن عليه الكفارة ؛ لأن الجهل بالعقوبة لا يعذر به العبد .
راجعي جواب السؤال رقم : (21806) .
ثالثا :
كفارة الجماع في نهار رمضان واحدة من خصال ثلاث ، على الترتيب ، وليست على التخيير ؛ بمعنى أنه لا يجوز أن ينتقل إلى واحدة حتى يعجز عن التي قبلها ، وهي : عتق رقبة ؛ فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين ، فإن لم يستطع : فإطعام ستين مسكينا ؛ فلا يجوز له أن يصوم شهرين إذا وجد رقبة يعتقها ، ولا يجوز له أن يطعم ستين مسكينا إلا إذا عجز عن الأوليين : العتق والصيام .
قال علماء اللجنة :
" كفارة الجماع في نهار رمضان مرتبة على ما سبق ، فلا ينتقل إلى الصيام مثلا إلا بعد أن يعجز عن الرقبة ، ولا ينتقل إلى الإطعام إلا بعد أن يعجز عن الصيام ، فإن انتقل إلى الإطعام بسبب عجزه عن الرقبة والصيام - جاز له أن يفطر ستين صائما من الفقراء والمساكين بما يشبعهم من قوت البلد مرة عنه ومرة ثانية عن زوجته ، أو يدفع إلى الستين من المساكين ستين صاعا عنه وعن زوجته، لكل واحد صاع مقداره ثلاثة كيلو تقريبا " انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (9/ 245) .
وينظر جواب السؤال رقم : (93109) ، ورقم (106533) .
فإذا كان المجامع من أهل الإطعام : فلا حرج عليه أن يوكل إحدى المؤسسات الخيرية الموثوق بها ، أن تطعم عنه ، أو توزع عنه الطعام على المساكين .
كما يمكنك توكيل الزوج ليقوم بالكفارة عنك .
ولا حرج في إرسال الكفارة إلى بلدكما الأصلي إذا كانت الحاجة إليها أشد لكثرة الفقراء فيه ؛ للمصلحة الراجحة .
قال ابن مفلح رحمه الله :
" وَيَجُوزُ نَقْلُ النَّذْرِ وَالْكَفَّارَةِ وَالْوَصِيَّةِ فِي الْأَصَحِّ " انتهى من "الفروع" (4/ 265) .
ولا مانع أيضا أن يتحمل زوجك الكفارة عنك ، إذا رضيت أنت بذلك .
رابعا :
من جامعها زوجها في نهار رمضان فلا تخلو من حالين :
الحال الأولى : أن تكون المرأة حال الجماع معذورة بإكراه ، أو نسيان ، أو جهل بتحريم الجماع في نهار رمضان ، ففي هذه الحال صومها صحيح ، ولا يلزمها القضاء ولا الكفارة .
الحال الثانية : أن تكون غير معذورة ، بل مطاوعة لزوجها في الجماع ، ففي وجوب الكفارة عليها في هذه الحال خلاف بين العلماء ، والراجح وجوب الكفارة عليها في ذلك كما تجب على زوجها .
وينظر : جواب السؤال رقم : (106532) .
خامسا :
إذا وجب على المرأة صيام شهرين متتابعين ، فشرعت في الصوم ثم جاءها الحيض ، فإنه لا ينقطع تتابع صومها ، فتفطر ، ثم تقضي أيام الحيض ، ثم تكمل الشهرين .
وكذا لو صامت فصادفها العيد فإنها تفطر يوم العيد وتكمل بعده مباشرة ، ولا يقطع إفطار يوم العيد التتابع المأمور به في صيام الكفارة .
راجعي جواب السؤال رقم : (82394) ، (124817) .
سادسا :
إذا أفطرت المرأة بجماع أو غيره ثم حاضت بعد إفطارها بساعات لم يُسْقِط عذر الحيض القضاء ولا الكفارة ؛ لأنها تلبست بالذنب قبل حصول العذر ، يعني وقعت في المحظور بدون عذر ، فلا تأثير للعذر حينئذ في الحكم ، كما أنه لا يرفع الإثم .
والله تعالى أعلم .