الحمد لله.
وأما قول الله تعالى : (
إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي
الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ
وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ) المائدة/ 33 .
فمع أن ما يفعله هؤلاء الجهال وأمثالهم هو من الفساد في الأرض ، بل هكذا كل معصية
لله تعالى : هي من الفساد في الأرض ، والإفساد لها ؛ إلا أن لهذه الآية شأنا وحكما
آخر ، لا تعلق له بموضع السؤال ؛ لأن أصحاب هذه الآية هم الذين يريدون الفساد عن
قصد ونية ، ويسعون به في الأرض لخرابها ودمارها وإهلاك الحرث والنسل وتخويف الآمنين
.
ثم إن الآية تتحدث عن صنف خاص ـ أيضا ـ من البغاة والمفسدين في الأرض ، فليس كل من
أفسد في الأرض عن عمد ، أو اعتدى على الآخرين ، داخلا في حكم هذه الآية .
قال الشيخ السعدي رحمه الله :
" المحاربون لله ولرسوله، هم الذين بارزوه بالعداوة ، وأفسدوا في الأرض بالكفر
والقتل ، وأخذ الأموال ، وإخافة السبل .
والمشهور أن هذه الآية الكريمة في أحكام قُطَّاع الطريق ، الذين يعرضون للناس في
القرى والبوادي ، فيغصبونهم أموالهم ، ويقتلونهم ، ويخيفونهم ، فيمتنع الناس من
سلوك الطريق التي هم بها، فتنقطع بذلك .
فأخبر الله أن جزاءهم ونكالهم -عند إقامة الحد عليهم- أن يفعل بهم واحد من هذه
الأمور " انتهى من "تفسير السعدي" (ص 229) .
ثانيا :
الذي ذكرته من تكلف هذا الشخص وصف أدوية عشبية وعقاقير للمرضى ، إن لم يكن خبيرا
بما يفعل ، ولم يعلم أنه من أهل العلم بهذا الباب ؛ إذا تسبب بجهله هذا في هلاك نفس
، لزمته الدية ، أو أرش الجناية التي جناها على غيره بجهله وعدوانه ؛ إلا أنه رغم
ذلك ليس قاتل عمد ، كالذي ذكرته الآية ، ولا يلزمه القصاص بذلك .
قال الخطابي رحمه الله :
" لا أعلم خلافاً في المعالج إذا تعدى فتلف المريض كان ضامناً ، والمتعاطي علماً أو
عملاً لا يعرفه متعدٍّ ، فإذا تولد من فعله التلف ضمن الدية ، وسقط عنه القَوَد –
يعني القصاص - لأنه لا يستبِد بذلك دون إذن المريض " انتهى من "معالم السنن" (4/
39) .
راجع لمزيد الفائدة جواب السؤال رقم : (114047)
، (129551) .
والله تعالى أعلم .