الحمد لله.
وأما الماء العام الذي هيأته
الدولة لحاجة الناس في أمر معين ، كمياه الشرب ونحوها ، فهذا النوع أشبه شيء بالماء
"المُسَبَّل" ، أي : الموقوف ، فيراعى في استعماله الغرض الذي خصص له ، ولا يستعمل
في غيره ؛ إلا ما جرى العرف باستعماله فيه من غير نكير ، أو اليسير الذي يتساهل في
أمره عادة .
قال الشيخ مصطفى الرحيباني رحمه الله :
" وَالْمَاءُ الْمُسْبَلِ لِلشُّرْبِ لَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ فِي حَدَثٍ وَلَا
نَجَسٍ بِبَدَنٍ أَوْ غَيْرِهِ " .
انتهى من "مطالب أولي النهى" (1/104) .
وقال أيضا :
" (يَتَّجِهُ) أَنَّهُ (يَجِبُ) عَلَى دَاخِلِ حَمَّامٍ (اقْتِصَادٌ فِي)
اسْتِعْمَالِ (الْمَاءِ عَلَى قَدْرِ حَاجَتِهِ) حَيْثُ كَانَ مَمْلُوكًا أَوْ
مُسَبَّلًا، (فَإِنَّهُ) - أَيْ: قَدْرَ الْحَاجَةِ - (الْمَأْذُونُ فِيهِ) شَرْعًا
وَعُرْفًا (بِقَرِينَةِ الْحَالِ، لَا سِيَّمَا) الْمَاءَ (الْحَارَّ لِمَا فِيهِ
مِنْ مُؤْنَةِ التَّعَبِ) بِتَحْصِيلِ الْوَقُودِ وَأُجْرَةِ الْعَمَلَةِ (وَ)
يَتَّجِهُ: أَنَّ (مِثْلَهُ كُلُّ مَاءٍ سُبِّلَ لِنَحْوِ وُضُوءٍ) كَغُسْلٍ مِنْ
جَنَابَةٍ أَوْ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ أَوْ إزَالَةِ نَجَاسَةٍ، فَلَا يُزَادُ فِي
ذَلِكَ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ" . انتهى من "مطالب أولي النهى"
(1/189) .
وقال الشيخ محمد بن عمر الجاوي الشافعي رحمه الله :
" إِذا لم يجد إِلَّا مَاء مسبلا لغير الطُّهْر بِهِ : فَإِذا علم أَن مسبله عمم
الِانْتِفَاع بِهِ مُطلقًا اسْتَعْملهُ فِي الطَّهَارَة ، وَلَا يجوز التَّيَمُّم ،
فَإِن شكّ فِي ذَلِك حكّم الْعرف والقرائن ، وَلَا يجوز نقل المَاء المسبل للشُّرْب
من مَحَله إِلَى مَحل آخر كَأَن يَأْخُذهُ للشُّرْب فِي بَيته مثلا إِلَّا إِذا علم
أَو قَامَت قرينَة على أَن مسبله يسمح بذلك .." انتهى من "نهاية الزين" ( ص: 36) .
والحاصل :
أن حمل الماء في وعاء للحاجة : الظاهر منه أنه مما يتساهل فيه عرفا ، لا سيما إذا
كانت حاجة كالتي من أجلها وضعت المياه في ذلك المكان العام ، أو أولى منها .
وأما غسيل السيارات : فالظاهر أن من هيأ المكان في مثل هذا المكان لا يسمح به ،
خاصة وأنه يترتب على غسيلها في غير الأماكن المخصصة ضرر ظاهر .
ففإذا سمح بذلك من له الإذن في هذا المكان ، أو جرى العرف به من غير نكير ، ولا ضرر
ظاهر : فلا حرج في ذلك إن شاء الله .
راجع إجابة السؤال رقم (70274) ، (72384) .
والله أعلم .