طلق زوجته ويريدان أن يرجعا ليعيشا معا على وفق شرع الله

17-06-2013

السؤال 197283


أرجو أن تخبروني إذا وقع طلاقي أو لا، لثلاث سنين أواجه مشاكل مع زوجتي حول كفالة الأطفال ، قد انفصلنا خمس مرات تقريبا، والآن بعد ثلاث سنوات أردنا أن نتراجع لنعيش معا، قد نطقت بالطلاق مرة لما تركت بيتي مع أولادي ، ثم تصالحنا بعد ستة أشهر لنعيش معا ، وقال لي إمام حينها : بأنه يجب علي أن أعقد عليها من جديد ، عشنا معا ليوم واحد، وقلت لها أن ترجع إلى بيتي وتوقف إجراءات المحكمة ، لكنها لم ترجع إلي ، ولذا تابعنا قضايانا المالية في المحكمة الإنكليزية ؛ لأنني أريد تسوية القضية ، أشار عليَّ المحامي الخاص بي أن أطلقها حسب القانون الانكليزي ، وأحصل على الحكم بالتراضي ، حتى لا تطالبني زوجتي بمال أو ممتلكاتي فيما بعد ، قدم هذا المحامي أوراق الطلاق حسب القانون الإنكليزي للمحكمة وهو الآن عندى على ورق ، لكنني فعلت ذلك للحفاظ على ممتلكاتي ، أعرف أنني طلقتها مرتين لكنني متحير تماما ؛ لأن لدي ثلاثة أولاد ، وقد اصطلحت أنا وزوجتي على أن نعيش معا. أرجوكم أن تعطوني مزيدا من النصائح حول قضيتي هذه ، فإننا نريد أن نعيش معا كزوجين وفقا للشريعة .

الجواب

الحمد لله.


أولا :
فالذي فهمناه من سؤالك أنك قد انفصلت عن زوجتك خمس مرات دون طلاق , وأن الطلاق قد وقع منك مرة , ثم أرجعت زوجتك إلى عصمتك بعد انتهاء العدة بعقد ومهر جديدين , ثم إنك بعد ذلك طلبت من زوجتك أن توقف إجراءات المحكمة فرفضت , فنصحك المحامي أن تطلقها حسب القانون الإنجليزي حتى تحفظ حقوقك المالية , فقدمت طلب الطلاق إلى المحكمة .
ثانيا :
بخصوص هذا الطلب الذي قدمته إلى المحكمة : إن كنت قد تلفظت بالطلاق فقد وقع الطلاق , أما إن كانت مجرد إجراءات رسمية لتوقيع الطلاق القانوني ، وكنت قد كتبت لفظ الطلاق فقط دون تلفظ به , أو وكلت محاميك بإجراء هذه الأمور الرسمية فقط : فهذا يرجع فيه إلى نيتك ، فإن كانت نيتك من ذلك الطلاق فعلا ، أو وكلت المحامي بإيقاعه فعلا : فقد وقع الطلاق , وحينئذ تكون قد طلقت زوجتك طلقتين , فيجوز لك إرجاعها ما دامت في العدة , وإن انتهت العدة فيجوز لك أن تتزوجها بعقد ومهر جديدين , مع التنبيه على أنه إن حصل طلاق بعد ذلك فإن زوجتك تصبح بائنة منك بينونة كبرى ، فلا يحل لك الزواج منها إلا بعد أن تتزوج بزوج آخر زواج رغبة ، لا زواج تحليل ويدخل بها , ثم تطلق منه أو يموت عنها.
ثالثا :
أما إن كنت قد كتبت الطلاق في هذا الطلب الذي قدمته للمحكمة ولم تكن نيتك بالكتابة الطلاق , ولم توكل المحامي بأن يوقع هو الطلاق نيابة عنك : فلا يقع الطلاق, كما بيناه بالتفصيل وذكر كلام أهل العلم في الفتوى رقم : (72291) , وحينئذ تكون زوجتك لم تطلق منك سوى طلقة واحدة وهي الطلقة الأولى .
رابعا :
لا يختلف الحكم فيما سبق سواء أوقع القاضي الطلاق أم لم يوقعه ؛ لأن تطليق القاضي الكافر غير واقع كما بيناه في الفتوى رقم:( 127179) .
خامسًا :
اعلم أيها السائل أنه لا يجوز التحاكم إلى المحاكم التي تحكم بالقوانين الوضعية ؛ لأنها من الطاغوت , وقد أمر الله سبحانه عباده باجتناب الطاغوت والكفر به , قال سبحانه ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا ) النساء/ 59, 60 .

وقد سبق بيان هذه المسألة الكبيرة بالتفصيل في الفتوى رقم : (93208) , فعليك أن تعي هذه المسألة وأن تتعلمها جيدا , وأن تعلم زوجتك بها حتى لا تقعا في التحاكم إلى تلك الطواغيت فهذا إثمه كبير وخطره عظيم وربما خرج به صاحبه من دين الإسلام.

ويستثنى من ذلك ما إذا تعينت المحاكم التي تقضي بالقوانين الوضعية سبيلا لاستخلاص حق ثابت شرعا ، أو توثيقه ، أو دفع مظلمة في بلد لا تحكمه الشريعة ، ولا يوجد بها محاكم شرعية ، شريطة اللجوء إلى بعض حملة الشريعة لتحديد الحكم الشرعي الواجب التطبيق في موضوع النازلة ، والاقتصار على المطالبة به والسعي في تنفيذه .
وقد نص على هذا البيان الختامي للمؤتمر الثاني لمجمع فقهاء الشريعة بأمريكا ، المنعقد بكوبنهاجن- الدانمارك مع الرابطة الإسلامية ، في الفترة من 4-7 من شهر جمادى الأولى لعام 1425هـ الموافق 22-25 من يونيو لعام 2004 م , ويراجع نص هذا البيان في الفتوى رقم: (127179).
سادسا:
إن كنت تريد أن تستبقي زوجتك ، وكانت قد بانت منك بانقضاء عدتها من الطلاق الثاني ، في حالة ما إذا كان واقعا : فالواجب عليك أن تنكحها بعقد ومهر جديدين . وإن لم يكن الطلاق واقعا : فالأمر واضح ، وهي زوجتك .
ثم إن كان من نصيحة لك في هذا المقام فإنا ننصحك بأن تحسن خلقك مع زوجتك , وأن تعاملها برفق , وأن تصبر على سوء خلقها , وأن تعاشرها بالمعروف , فقد قال الله تعالى ( وعاشروهن بالمعروف) النساء/19 ، وقال سبحانه : ( ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف ) البقرة/228.
وفي السنَّة : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( استوصوا بالنساء ) . رواه البخاري ( 3153 ) ومسلم ( 1468 ) .
تنبيه :
في مرات الانفصال الخمسة المذكورة : إذا كان قد وقع في أي منها شيء من الطلاق ، سواء بلفظه الصريح ، أو كنايته ، منجزا ، أو معلقا ، فستتغير صورة المسألة ، ويجب بيان حقيقة الحال فيها .
والله أعلم.

الطلاق
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب