الحمد لله.
أولا :
الذي نراه أن ترشيحكم إياها عروسا وهي مصرة على ما هي عليه من التبرج : أمر غير مقبول ، بل غير مشروع ؛ فإن المستشار مؤتمن ، ومن يطلب ترشيح عروس ، هو يستشير من يطلب منه ، ويستنصحه ، وليس من النصيحة ، ولا من أداء الأمانة في المشورة : أن يختار من كانت على هذه الحال ، لتكون عروسا ، بل يختار : صاحبة الدين والخلق والعفاف ، وهن كثيرات ، بحمد الله .
غير مناسب في الحقيقة ، وإنما يكون ذلك بعد أن تلتزم وتحتشم . ورفض الناس إياها وزهدهم فيها لما هي عليه هو عين الصواب .
ثانيا :
الأسلوب الأول الذي اتخذتموه وهو أن تبلغوها برفض الناس إياها عروسا كلما رشحتموها أسلوب جيد لحضّها على الحجاب ؛ فإن المرأة إذا رأت الناس يزهدون فيها لسلوكها المشين فربما دفعها ذلك إلى أن تراجع نفسها وتصلح من حالها .
أما الأسلوب الآخر : وهو أن ترصدوا لها في طريقها شخصا يعاكسها وعنما ترد عليه يقول لها : أنت من يحرض الناس على معاكستك والتحرش بك بما تلبسينه من ملابس فاضحة ، وبما أنت عليه من سلوك منحرف : فهذا الأسلوب لا يجوز التعامل به ، وذلك لما يلي :
1- : أنه مخالف لعموم قوله تعالى : ( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) النحل/ 125 . فليس هذا الأسلوب من أساليب الحكمة والموعظة الحسنة ، بل هو من أساليب أهل الفسق والمجون ؛ لما فيه من استخدام العبارات المشينة والألفاظ الجارحة .
2- : أنه يعرّض من يتعامل به إلى الضرر وحصول المشاكل مع أهل هذه الفتاة ، وربما مع المارة أيضا ، وهذا لا يأمر به الشرع ، وإنما ينهى عنه .
3- : أنه يعرّض من يتعامل به إلى السب والشتم من قبل الفتاة نفسها ، وربما حررت ضده محضرا في الشرطة .
4- : أنه من المنكر الذي يجب النهي عنه ، فاستخدامه للنهي عن منكر آخر باطل ، فالمنكر لا يردّ بالمنكر ولا يغيّر به .
بل إن من يفعل ذلك معها : لا يؤمن عليه الفتنة بها حقيقة ، وكم من أناس دخلوا أبواب الفتن ، استكشافا لها ، أو لعبا ، أو ظنا أنهم يصلحونها ؛ ثم لم يلبثوا أن سقطوا فيها ، وغرقوا ، حتى لم ينفع فيهم بعد ذلك وعظ ولا زجر .
وإنما المطلوب وعظها بالحكمة واللين من قِبل فتيات مثلها ، تقيات عالمات بأمر دينهن ، يصبرن عليها ويتوددن إليها ويُظهرن لها المحبة والإخلاص ، ويُخبرنها أنه ما حملهن على مناصحتها إلا حب الخير لها وحضها على طريق الاستقامة ؛ حفظًا لدينها وصيانة لعرضها لئلا يطمع فيها أهل الشهوات والهوى .
ثم يُبيّنَّ لها أن الاقتداء إنما يكون بأهل التقوى والصلاح ، لا بأهل الفساد والفتنة ، ومن تشبه بقوم فهو منهم ، ومن أحب قوما حُشر معهم .
فلا يصح لها أن تقول : لست وحدي من يفعل ذلك ، فإن هذه الحجة باطلة شرعا وعقلا ، وإلا لجاز لكل أحد أن يفعل ما يشاء بدعوى أنه ليس وحده من يفعل ذلك ، إنما يفعله معه الكثيرون ، وقد قال الله تعالى : ( وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ) الأنعام/ 116.
ويُهدى لها بعض الكتيبات والأشرطة الإسلامية التي تحض على الحجاب والعفاف ، وتبين الآثار السيئة للتبرج وعدم الالتزام بأحكام الدين في الدنيا والآخرة .
ثم الله من بعد ذلك يهدي من يشاء ويضل من يشاء ، فليس عليكن هداها ، وقد قال الله تعالى : ( إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ) القصص/ 56.
وينظر لمزيد الفائدة جواب السؤال رقم : (88086) ، (107783).
فإن لم يجد معها شيء من ذلك : شرع هجرها ، زجرا لها عما هي عليه ؛ فإنها متى رأت المقربين منها قد اجتنبوها لأجل ما هي عليها ، انكسرت نفسها ، ورجي أن ينصلح حالها بذلك .
فإن كانت على حال من التهتك ، بحيث يشار إليها في مكانها ، وتشتهر به : تأكد هجرها والبعد عنها ، حتى لا تضرر سمعة من يصاحبها .
وينظر جواب السؤال رقم : (114787).
والله تعالى أعلم .