الحمد لله.
قال القرافي رحمه الله :
" وَأَمَّا مُطْلَقُ التَّشْرِيكِ ، كَمَنْ جَاهَدَ لِيُحَصِّلَ طَاعَةَ اللَّهِ
بِالْجِهَادِ ، وَلِيُحَصِّلَ الْمَالَ مِنْ الْغَنِيمَةِ : فَهَذَا لَا يَضُرُّهُ
، وَلَا يُحَرَّمُ عَلَيْهِ بِالْإِجْمَاعِ ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ لَهُ
هَذَا فِي هَذِهِ الْعِبَادَةِ .
وَكَذَلِكَ مَنْ صَامَ لِيَصِحَّ جَسَدُهُ ، أَوْ لِيَحْصُلَ لَهُ زَوَالُ مَرَضٍ
مِنْ الْأَمْرَاضِ الَّتِي يُنَافِيهَا الصِّيَامُ ، وَيَكُونُ التَّدَاوِي هُوَ
مَقْصُودُهُ ، أَوْ بَعْضُ مَقْصُودِهِ ، وَالصَّوْمُ مَقْصُودُهُ مَعَ ذَلِكَ ،
وَأَوْقَعَ الصَّوْمَ مَعَ هَذِهِ الْمَقَاصِدِ: لَا تَقْدَحُ هَذِهِ الْمَقَاصِدُ
فِي صَوْمِهِ " انتهى من "الفروق" (4 / 429)
إلا أن تخليص النية لله عز وجل ، وتصفيتها من الأكدار ، والأعراض
الدنيوية ، أولى للعبد ، وخير لله ، وأنفع عند الله .
قال القرافي رحمه الله :
" ... نَعَمْ لَا يَمْنَعُ أَنَّ هَذِهِ الْأَغْرَاضَ الْمُخَالِطَةَ لِلْعِبَادَةِ
قَدْ تنْقصُ الْأَجْرَ، وَأَنَّ الْعِبَادَةَ إذَا تَجَرَّدَتْ عَنْهَا زَادَ
الْأَجْرُ وَعَظُمَ الثَّوَابُ، أَمَّا الْإِثْمُ وَالْبُطْلَانُ : فَلَا سَبِيلَ
إلَيْهِ " انتهى من "الفروق" (4 /430).
وقال النووي رحمه الله :
" قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ : يُسْتَحَبُّ لِقَاصِدِ الْحَجِّ أَنْ
يَكُونَ مُتَخَلِّيًا عَنْ التِّجَارَةِ وَنَحْوِهَا فِي طَرِيقِهِ ، فَإِنْ خَرَجَ
بِنِيَّةِ الْحَجِّ وَالتِّجَارَةِ فَحَجَّ وَاتَّجَرَ : صَحَّ حَجُّهُ ، وَسَقَطَ
عَنْهُ فَرْضُ الْحَجِّ ، لَكِنْ ثَوَابُهُ دُونَ ثَوَابِ الْمُتَخَلِّي عَنْ
التِّجَارَةِ ، وَكُلُّ هَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ " انتهى من "المجموع" (7/ 76) .
فإذا جاهد نفسه ، وأخلص نيته لله عز وجل ، وصفى عبادته من المطالب الدنيوية ، فإن
له أن يتوسل إلى الله ، ويدعوه بصالح أعمالها ، وخالصها ، ويكون هذا من التوسل
المشروع بين يدي الدعاء ، وهو أرجى لإجابته ، وأنفع له عند الله .
لا سيما ، والعمرة ليست سببا خاصا للزواج ، ولا النجاح ، ولا لغيره من المطالب الدنيوية ؛ فكان أنفع للعبد ، في دينه ، وأرجى لإجابة حاجته : أن يؤديها خالصة لله عز وجل ، وهو في أثناء عمرته : يدعو الله بما شاء من خير الدنيا والآخرة ، ويتوسل إلى ربه بخالص عمله أن يجيب دعاءه .
وينظر للفائدة : جواب السؤال رقم 39775 .
والله أعلم .