الحمد لله.
لا بأس بجمع أكثر من نية حال التصدق ، ففضل الله واسع ، وقد حرض الله عباده على التعرض لفضله ، والسعي في حصول كرامته .
قال الله عز وجل عن نبيه نوح عليه السلام : ( فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ) نوح/ 10-12
قال ابن كثير رحمه الله :
" أي : إذا تبتم إلى الله واستغفرتموه وأطعتموه ، كثر الرزق عليكم ، وأسقاكم من بركات السماء ، وأنبت لكم من بركات الأرض ، وأنبت لكم الزرع ، وأدر لكم الضرع ، وأمدكم بأموال وبنين ، أي : أعطاكم الأموال والأولاد ، وجعل لكم جنات فيها أنواع الثمار ، وخللها بالأنهار الجارية بينها " انتهى .
"تفسير ابن كثير" (8 /233)
فإذا استغفر العبد ربه وأناب إليه ، ورجا أن يحصل له ذلك كله ، لم يكن عليه فيه بأس إن شاء الله .
قال قتادة : " علم نبي الله صلي الله عليه وسلم أنهم أهل حرص على الدنيا فقال : هلموا إلى طاعة الله ؛ فإن في طاعة الله درك الدنيا والآخرة !!
وقال ابن صبيح : شكا رجل إلى الحسن الجدوبة فقال له : استغفر الله . وشكا آخر إليه الفقر فقال له : استغفر الله. وقال له آخر : ادع الله أن يرزقني ولدا ؛ فقال له : استغفر الله . وشكا إليه آخر جفاف بستانه ؛ فقال له : استغفر الله . فقلنا له في ذلك ؟ فقال : ما قلت من عندي شيئا ؛ إن الله تعالى يقول : ( اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً ) "
"الجامع لأحكام القرآن" (18 /302)
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" الإنسان إذا أراد بعمله الحسنيين حسنى الدنيا ، وحسنى الآخرة : فلا شيء عليه في
ذلك ؛ لأن الله يقول : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً *
وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ
حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ
قَدْراً ) الطلاق/2 -3 ، وهذا ترغيب في التقوي بأمر دنيوي " انتهى من "مجموع فتاوى
ورسائل ابن عثيمين" (2 / 209).
فابتغاء العبد بعمله واسع رحمة ربه في الدنيا والآخرة من حسن الظن بالله .
ولكن .. لا يكونن قصدك الدنيا وتحصيل منافعها ، وأنت
معرض عن الآخرة غير راغب فيها ، قال الله عز وجل : ( فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ
رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ *
وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ
حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا
وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ ) البقرة/ 200 – 202
قال الشيخ السعدي :
" والحسنة المطلوبة في الدنيا يدخل فيها كل ما يحسن وقعه عند العبد ، من رزق هنيء
واسع حلال ، وزوجة صالحة ، وولد تقر به العين ، وراحة ، وعلم نافع ، وعمل صالح ،
ونحو ذلك من المطالب المحبوبة والمباحة .
وحسنة الآخرة هي السلامة من العقوبات في القبر ، والموقف ، والنار ، وحصول رضا الله
، والفوز بالنعيم المقيم ، والقرب من الرب الرحيم ، فصار هذا الدعاء أجمع دعاء
وأكمله وأولاه بالإيثار " انتهى من "تفسير السعدي" (ص 92)
والله أعلم .
وينظر للفائدة إجابة السؤال رقم : (142425)
تعليق