هل هذا الحديث في فضل آية الكرسي صحيح ، ويجوز العمل به؟: "من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة لم يمنعه من دخول الجنة إلا الموت"؟ أو بتعبير آخر: هل صحيح إذا داوم العبد على قراءة آية الكرسي دبر كل صلاة، دخل الجنة عند موته، مهما كانت ذنوبه كبيرة؟
الحمد لله.
قال الإمام النسائي رحمه الله في " السنن الكبرى " (9848):
أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ بِشْرٍ، بِطَرَسُوسَ، كَتَبْنَا عَنْهُ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حِمْيَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ قَرَأَ آيَةَ الْكُرْسِيِّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ دُخُولِ الْجَنَّةِ إِلَّا أَنْ يَمُوتَ.
وهكذا رواه الطبراني في " الكبير" (7532)، والروياني في " مسنده " (1268)، وابن السني في " عمل اليوم والليلة " (124) من طريق محمد بن حمير به.
وهذا إسناد جيد:
محمد بن زياد؛ قال أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي: ثقة، وقال ابن معين: ثقة مأمون، وكذا قال محمد بن عثمان عن ابن المديني، وقال أبو حاتم: لا بأس به. ينظر: "تهذيب التهذيب" (9/170).
ومحمد بن حمير؛ قال الإمام أحمد: ما علمت إلا خيرا، وقال ابن معين ودحيم: ثقة، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به، ومحمد بن حرب وبقية أحب إلي منه، وقال النسائي: ليس به بأس، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال الدارقطني: لا بأس به، وقال ابن قانع: صالح. ينظر: "تهذيب التهذيب" (9/ 135).
وقال ابن كثير: " فهو إسناد على شرط البخاري " انتهى من "تفسير القرآن العظيم" (1/677).
وله شاهد من حديث المغيرة بن شعبة، رواه أبو نعيم في " الحلية " (3/221). وآخر من حديث أنس، رواه الحاكم، كما في " تخريج أحاديث الكشاف " للزيلعي (1/160).
وقال المنذري في "الترغيب والترهيب" (2/ 299):" رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَالطَّبَرَانِيّ بأسانيد أَحدهَا صَحِيح، وَقَالَ شَيخنَا أَبُو الْحسن: هُوَ على شَرط البُخَارِيّ، وَابْن حبَان فِي كتاب الصَّلَاة وَصَححهُ " انتهى.
وقال الهيثمي في " المجمع " (10/ 102): " رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ بِأَسَانِيدَ، وَأَحَدُهَا جَيِّدٌ ".
وقال ابن مفلح الحنبلي: " إسْنَادُهُ جَيِّدٌ، وَقَدْ تُكُلِّمَ فِيهِ، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ، وَكَذَا صَحَّحَهُ صَاحِبُ الْمُخْتَارَةِ مِنْ أَصْحَابِنَا ". انتهى من " الفروع " (2/228).
وقال ابن القيم:
" وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ حَدِيثِ أبي أمامة، وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَالْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَفِيهَا كُلِّهَا ضَعْفٌ، وَلَكِنْ إِذَا انْضَمَّ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ مَعَ تَبَايُنِ طُرُقِهَا وَاخْتِلَافِ مَخَارِجِهَا، دَلَّتْ عَلَى أَنَّ الْحَدِيثَ لَهُ أَصْلٌ وَلَيْسَ بِمَوْضُوعٍ. وَبَلَغَنِي عَنْ شَيْخِنَا أبي العباس ابن تيمية قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ أَنَّهُ قَالَ: مَا تَرَكْتُهَا عَقِيبَ كُلِّ صَلَاةٍ " انتهى من " زاد المعاد " (1/ 294). وصححه الألباني في " صحيح الجامع " (6464).
ومن أهل العلم من تكلم فيه، والراجح، إن شاء الله، أنه حديث حسن.
يرجى لمن حافظ على قراءة آية الكرسي دبر كل صلاة أن يدخل الجنة، إذا استقام فأتى ما أمر الله به، واجتنب ما نهى الله عنه.
قال الشيخ ابن باز رحمه الله:
" يستحب بعد الصلاة، بعد التسبيح والتهليل قراءة آية الكرسي، ويرجى له بذلك دخول الجنة إذا استقام، إذا استقام على دينه، وحافظ على دينه، يرجى له دخول الجنة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: والصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان كفارات لما بينهن، ما لم تؤت الكبائر رواه مسلم (233)، فإذا حافظ على ما أوجب الله عليه، وترك ما حرم الله عليه، وقرأ آية الكرسي، كل هذا من أسباب دخول الجنة، إذا قرأها بعد كل صلاة ". انتهى من " فتاوى نور على الدرب " (4/399-300).
وإذا كانت الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان: إنما تكفر ما بينها إذا اجتنبت الكبائر، وهي أركان الإسلام، ومبانيه العظام؛ فالظاهر أن يكون الفضل الوارد في مثل هذا الحديث أولى بأن يكون معلقا على اجتناب الكبائر.
وينظر لمزيد الفائدة هذه الأجوبة: 300726، 394394، 6092، 398507، 448652، 192341.
والله تعالى أعلم.