حكم تدريس الديانات الباطلة للأطفال
أنا أدرس في تخصص يؤهلني لأصبح معلمة أدرس الدين للأطفال ، وحيث إنني أعيش في دولة نصرانية أوروبية فإن منهاج الدراسة يتطلب مني دراسة الديانات الخمسة الرئيسية في العالم : الإسلام ، والنصرانية ، واليهودية ، والهندوسية ، والبوذية ، ولم أكن أتوقع أن يكون تدريس الأطفال هذه الديانات حراماً ، فأنا على يقين بأنّ الإسلام هو الدين الصحيح ، ولن أقول خلاف ذلك أبداً ، المشكلة أنّ الكثيرين أخبروني بأنّ تدريس هذه الديانات للأطفال لا يجوز ، خصوصاً إذا كان الأطفال من المسلمين ، وقد بحثت عن إجابة لهذا السؤال ولكن دون جدوى فأرجو منكم توضيح الحكم .
الجواب
الحمد لله.
الأصل أنه لا يجوز دراسة ولا تدريس الكتب السماوية المحرفة ولا الديانات الباطلة
ولا المذاهب المخالفة للحق إلا إذا كان ذلك بغرض تعريف الناس بفسادها وبطلانها ,
ومناقضتها للعقل والفطرة , ومخالفتها للدين الحق الذي ارتضاه الله سبحانه لعباده
وهو دين الإسلام , وكان الدارس – مع ذلك - لديه رسوخ في الحق وقدرة على تمييز الحق
من الباطل , والخطأ من الصواب , ولم يخش عليه من ذلك فتنة أو شبهة , وينبغي أن
تُقْصر هذه الدراسة على المتخصصين الذين يُرتجى أن يكون لهم دور في مواجهة هذه
الأديان الشيطانية المنحرفة , فلا يُترك الباب هكذا مفتوحا أمام الجميع خصوصا
العوام والأطفال لئلا يورثهم ذلك الشبهات والوساوس في أمور الدين , جاء في " حاشية
ابن عابدين " (1 / 175):" وَقَدْ نُهِينَا عَنْ النَّظَرِ فِي شَيْءٍ مِنْهَا
سَوَاءٌ نَقَلَهَا إلَيْنَا الْكُفَّارُ أَوْ مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ ." انتهى.
وفي " كشاف القناع عن متن الإقناع " (1 / 434) : " وَلَا يَجُوزُ النَّظَرُ فِي
كُتُبِ أَهْلِ الْكِتَابِ – نص عليه الإمام أحمد - ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَضِبَ حِينَ رَأَى مَعَ عُمَرَ صَحِيفَةً مِنْ التَّوْرَاةِ
، وَقَالَ : أَفِي شَكٍّ أَنْتَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ .. إلخ الْحَدِيثَ ، وَلَا
النَّظَرُ فِي كُتُبِ أَهْلِ الْبِدَعِ ، وَلَا النَّظَرُ فِي الْكُتُبِ
الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ ، وَلَا رِوَايَتُهَا، لِمَا فِي
ذَلِكَ مِنْ ضَرَرِ إفْسَادِ الْعَقَائِدِ " انتهى .
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله عند الكلام على هذه المسألة وهي القراءة في كتب أهل
الكتاب : " وَالْأَوْلَى فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ مَنْ لَمْ
يَتَمَكَّنْ وَيَصِرْ مِنَ الرَّاسِخِينَ فِي الْإِيمَانِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ
النَّظَرُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ , بِخِلَافِ الرَّاسِخِ فَيَجُوزُ لَهُ وَلَا
سِيَّمَا عِنْدَ الِاحْتِيَاجِ إِلَى الرَّدِّ عَلَى الْمُخَالِفِ , وَيَدُلُّ
عَلَى ذَلِكَ نَقْلُ الْأَئِمَّةِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا مِنَ التَّوْرَاةِ
وَإِلْزَامُهُمُ الْيَهُود بِالتَّصْدِيقِ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ بِمَا يَسْتَخْرِجُونَهُ مِنْ كِتَابِهِمْ , وَلَوْلَا اعْتِقَادُهُمْ
جَوَازَ النَّظَرِ فِيهِ لَمَا فَعَلُوهُ وَتَوَارَدُوا عَلَيْهِ" انتهى من " فتح
الباري لابن حجر " (13 / 525) .
وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى : " هل يجوز لنا أن نقرأ في كتب الأديان
الأخرى غير الإسلام؛ من باب حب الاستطلاع والتعرف على الديانات الأخرى ؟ فأجاب: لا
ينبغي، لا، لا ينبغي قراءة التوراة ولا الإنجيل ولا غيرها لأنها قد تورث شكاً
وشبهةً والرسول روي عنه صلى الله عليه وسلم لما رأى عمر يقرأ في شيءٍ من التوراة
قال: ( أفي شك يا ابن الخطاب ؟ لقد جئتكم بها بيضاء نقية ، لو كان موسى حياً ما
وسعه إلا اتباعي ) ، فالمقصود أنه لا ينبغي للمسلم أن يقرأ الكتب الأخرى من التوراة
والإنجيل أو غيرها، إلا من تدعو الحاجة إلى قراءته كالعلماء الذين يريدون أن يردوا
على اليهود والنصارى من كتبهم ، فإذا دعت الحاجة للعالم الذي يرد عليهم ويبين
أباطيلهم أن يراجع كتبهم حتى يرد عليهم منها فلا بأس عند الحاجة لأهل العلم
والبصيرة." انتهى من موقع الشيخ رحمه الله .
http://www.binbaz.org.sa/mat/10748
فإذا كان هذا هو الحكم بالنسبة للكبار فالأطفال أولى ، لأن عقولهم قاصرة فيكون
تعليمهم هذه الأديان مفسدة لا خير فيه ، ولن يسمح لك أثناء التدريس في انتقاد هذا
الأديان الباطلة وبيان بطلانها ، وإن سمح لك بذلك فلن يكون فهم هذا ممكنا للأطفال
لأن الشبهات والرد عليها سيكون فوق مستوى عقولهم وإدراكهم .
والله أعلم.