هل يجوز أن يدعو المسلم ربه قائلا : " اللهم أرني عجائب قدرتك في الرزق " ؟
هل يجوز أن يدعو المسلم ربه بهذا الدعاء " أللهم أرني عجائب قدرتك في الرزق " ؟
الجواب
الحمد لله.
أولا :
الدعاء من العبادة ، وشرط العبادة أن يقصد بها صاحبها وجه لله ، وأن تكون على منهاج
السنة .
وقد أمر الله تعالى بدعائه ، ووعد على الدعاء بالإجابة فقال : ( وَقَالَ رَبُّكُمُ
ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) غافر/ 60 .
ونهى عن الاعتداء في الدعاء وغيره ، فقال : (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا
وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) الأعراف/ 55 .
وقد تقدم في إجابة السؤال رقم : (41017)
أن الاعتداء في الدعاء من موانع الإجابة .
ثانيا :
السنة في طلب الرزق : أن يسأل العبد ربه رزقا طيبا مباركا ، لا يسأله تكثرا ، فقد
يبارك الله في الرزق القليل ما لا يبارك في الكثير ، وقد يسأل العبد ربه سعة الرزق
ووفرة المال ، ويكون في ضيق العيش وقلة المال أقرب إلى ربه ، وأبعد عن الفتنة .
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم يوما لأصحابه : ( أَبْشِرُوا وَأَمِّلُوا مَا
يَسُرُّكُمْ ، فَوَاللَّهِ لاَ الفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ ، وَلَكِنْ أَخَشَى
عَلَيْكُمْ أَنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ
قَبْلَكُمْ ، فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا وَتُهْلِكَكُمْ كَمَا
أَهْلَكَتْهُمْ ) رواه البخاري (3158) ، ومسلم (2961) .
وروى ابن ماجة (925) عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ إِذَا صَلَّى الصُّبْحَ حِينَ يُسَلِّمُ : ( اللَّهُمَّ
إِنِّي أَسْأَلُكَ عِلْمًا نَافِعًا ، وَرِزْقًا طَيِّبًا ، وَعَمَلًا مُتَقَبَّلًا
) وصححه الألباني ، انظر: " تمام المنة في التعليق على فقه السنة " (ص: 233) .
..
وكان من دعائه أيضا صلى الله عليه وسلم : ( اللهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي ،
وَوَسِّعْ لِي فِي دَارِي ، وَبَارِكْ لِي فِيمَا رَزَقْتَنِي ) رواه أحمد (16599)
، وحسنه محققو المسند .
وروى ابن أبي شيبة (1/ 264) بسند صحيح عَنْ أَبِي بُرْدَةَ ، قَالَ : كَانَ أَبُو
مُوسَى ، إِذَا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ قَالَ : " اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي ،
وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي ، وَبَارِكْ لِي فِي رِزْقِي " .
فسؤال الله البركة في الرزق هو سنة نبينا صلى الله عليه وسلم وأصحابه .
أما قول القائل : " اللهم أرني عجائب قدرتك في الرزق " فغير حسن ، فإن عجائب قدرة
الله تعالى لا يجمعها وصف واحد ، ولا تُحدّ بحد ، فتارة تكون رحمة ، وتارة تكون
ابتلاء ، وتارة تكون عذابا .
فمن عجائب قدرة الله في الرزق أن آتى قارون من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة
أولي القوة ، فكانت عذابا .
ومن عجائب قدرة الله في الرزق ما آتاه سبحانه عبده ونبيه سليمان عليه السلام ، قال
تعالى : ( فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي
لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ ) النمل/ 40 ، فكانت بلاء ، ثم كانت رحمة .
ومن عجائب قدرة الله في الرزق ما رواه أبو نعيم في " الحلية " (6/213) عن يحيى بن
كثير البصري قال : " اشترى كَهْمَس بن الحسن دقيقا بدرهم فأكل منه ، فلما طال عليه
كاله ، فإذا هو كما وضعه " . فكانت رحمة ، أي أن الله تعالى قد بارك في ذلك الدقيق
فكان كَهْمَس يأكل منه ولا ينقص .
فعجائب قدرة الله تعالى في الرزق وغيره ، قد تكون خيرا لذلك الإنسان أو غير ذلك .
فالأفضل من هذا الدعاء أن يسأل الله تعالى أن يرزقه وأن يبارك له في رزقه .
وتراجع للفائدة إجابة السؤال رقم : (153917)
.
والله أعلم .