الحمد لله.
أولا :
من نسيَ عضوا من أعضاء الوضوء دون غسله إن كان مما يُغسل ، أو دون مسح إن كان مما يُمسح أصالةً كالرأس أو عرضاً كالجبيرة ، لم تصح طهارتُه ، وعليه أن يرجع فيُحسِن وضوءُه .
ودليل ذلك : ما روى مسلم (359) عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : ( أَنَّ
رَجُلًا تَوَضَّأَ فَتَرَكَ مَوْضِعَ ظُفُرٍ عَلَى قَدَمِهِ فَأَبْصَرَهُ
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : ارْجِعْ فَأَحْسِنْ
وُضُوءَكَ ، فَرَجَعَ ثُمَّ صَلَّى ) .
قال النووي رحمه الله – على شرحه لهذا الحديث - : " فِي هَذَا الْحَدِيث : أَنَّ
مَنْ تَرَكَ جُزْءًا يَسِيرًا مِمَّا يَجِب تَطْهِيره لَا تَصِحّ طَهَارَته وَهَذَا
مُتَّفَق عَلَيْهِ .... ، وَفِي هَذَا الْحَدِيث دَلِيل عَلَى أَنَّ مَنْ تَرَكَ
شَيْئًا مِنْ أَعْضَاء طَهَارَته جَاهِلًا لمْ تَصِحّ طَهَارَته " انتهى من "شرح
مسلم" (3/123) .
ويجب عليه أن يراعي الموالاة بين أعضاء الوضوء ، وضابطها : الجفاف وزوال أثر الماء
، قال علماء اللجنة الدائمة " إذا نسي الإنسان غسل عضو من أعضاء الوضوء ، أو جزء
منه ولو صغيرا : فإن كان في أثناء الوضوء ، أو بعده مباشرة ، ولا زالت آثار الماء
على أعضائه لم تجف من الماء ، فإنه يغسل ما نسيه من أعضائه وما بعده فقط .
أما إن ذكر أنه نسي غسل عضو من أعضاء الوضوء ، أو جزء منه ، بعد أن جفت أعضاؤه من
الماء ، أو في أثناء الصلاة ، أو بعد أداء الصلاة ، فإنه يستأنف الوضوء من جديد ،
كما شرع الله ، ويعيد الصلاة كاملة ؛ لانتفاء الموالاة في هذه الحالة " انتهى من "
فتاوى اللجنة الدائمة ـ المجموعة الثانية " (6/92) .
ثانيا :
كان الواجب على الإمام أن ينفصل من الصلاة ويستخلف أحد المأمومين ليكمل بالناس
الصلاة ، ثم يذهب فيتوضأ مرتِّبا ، ويمسح ذراعه إن تعذّر غسلها ، أو كانت عليها
جبيرة ، ثم يمسح رأسه ويغسل رجليه ؛ لأن الترتيب والموالاة فرض من فروض الوضوء .
فإن كان يتضرر من إمرار يده مبلولة على ذراعه أو على الجبيرة – وهذا بعيد جدا -
فإنه يتيمم عن العضو المتروك ، قبل الوضوء أو بعده إن شاء ، وذلك بأن يضرب على
الأرض بيديه ثم يمسح بها وجهه وكفيه ، وليس كما فعل هذا الإمام من مسح العضو نفسه ؛
لأن التيمم شرع على صفة مخصوصة ، ولم يأمرنا الله أن نمسح بالتراب أعضاء الوضوء
الخمسة ، بل قال ( فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ ) سورة النساء/43 .
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله عمن توضأ وبيده جرح لا يصله الماء ، ونسي أن يتيمم
عنه ، وصلى ، فأجاب :
" إذا كان في موضع من مواضع الوضوء جرح لا يمكن غسله ولا مسحه ؛ لأن ذلك يؤدي إلى
أن هذا الجرح يزداد أو يتأخر برؤه ، فالواجب على هذا الشخص هو التيمم ، فمن توضأ
تاركا موضع الجرح ، ودخل في الصلاة ، وذكر في أثنائها أنه لم يتيمم ، فإنه يتيمم
ويستأنف الصلاة ؛ لأن ما مضى من صلاته قبل التيمم غير صحيح ... " انتهى من "مجموع
فتاوى الشيخ ابن باز" (10/197) .
وعليه : فيجب على الإمام إعادة الصلاة ، لأن الحدث لا يرتفع إلا بتمام الوضوء ، وما دام قد أدى الصلاة كذلك ، فقد صلى وهو محدِث ، ولا يقبل الله صلاةً بغير طهور .
ثالثا :
المأموم إن علم حدَثَ إمامِه أثناء الصلاة ، وجب عليه الانفصال عن الإمام ويُتمّ
صلاتَه منفردا ، فإن لم يعلم بحدث إمامه إلا بعد تمام الصلاة ، فصلاته صحيحة .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين عن مأموم صلى خلف إمام ، فرأى على قدم الإمام مقدار
الدرهم لم يصله الماء، فماذا يفعل المأموم وهو يصلي خلف ذلك الإمام ، ويرى ذلك
البياض؟
فأجاب :
" ينوي الانفراد عنه ، وإذا سلم يخبره ، أما المأمومون الذين لم يعلموا بذلك
فصلاتهم صحيحة ، لكن هذا المأموم ينصرف ويتم الصلاة وحده ؛ لأنه الآن يصلي خلف إمام
في اعتقاده أن صلاته باطلة ، لأنه ما توضأ ، فينصرف ويسلم وإذا سلم الإمام نبهه ،
ووجب على الإمام أن يعيد الوضوء والصلاة ، وأما المأمومون فلا شيء عليهم " انتهى من
" اللقاء الشهري" رقم (40) .
وبناء على ذلك فصلاة المأمومين - في الحال المسئول عنها - فيها تفصيل :
فمن فهم من ذلك : أن الإمام كان مُحدِثا ، ولم يتوضأ وضوءا صحيحا : فصلاته باطلة ، ويجب عليه إعادتها ؛ لأنه صلى خلف إمام يعلم حدثه .
ومن لم ينتبه إلى ما فعله الإمام ، أو لم يعلم لماذا فعل ذلك ، وهو في الصلاة : فليس عليه شيء ، وصلاته صحيحة .
والله أعلم .