الحمد لله.
أولا: يستحب لمن صلى وحده أن يؤذن ويقيم على الراجح من أقوال أهل العلم ، لعموم فضل
الأذان ، أخرج ابن المنذر في "الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف" (1235) عن أَبِي
عُثْمَانَ ، قَالَ : " رَأَيْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَدْ دَخَلَ مَسْجِدًا قَدْ
صُلِّيَ فِيهِ ، فَأَذَّنَ وَأَقَامَ " انتهى . وفي الأوسط أيضا (3 / 60) : "
وَرُوِّينَا عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ أَنَّهُ كَانَ إِذَا فَاتَتْهُ
الصَّلَاةُ مَعَ الْقَوْمِ أَذَّنَ وَأَقَامَ " انتهى . وفيه أيضا (3 / 61) : "
وَحَكَى الرَّبِيعُ عَنْهُ ( الشافعي ) أَنَّهُ قَالَ : إِذَا دَخَلَ مَسْجِدًا
أُقِيمَتْ فِيهِ الصَّلَاةُ أَحْبَبْتُ لَهُ أَنْ يُؤَذِّنَ وَيُقِيمَ فِي نَفْسِهِ
. وَسُئِلَ أَحْمَدُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ، فَقَالَ : أَلَيْسَ كَذَا فَعَلَ
أَنَسٌ ؟ ..... قَالَ أَبُو بَكْرٍ : يُؤَذِّنُ وَيُقِيمُ أَحَبُّ إِلَيَّ ، وَإِنِ
اقْتَصَرَ عَلَى أَذَانِ أَهْلِ الْمَسْجِدِ ، فَصَلَّى فَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ ،
وَلَا أُحِبُّ أَنْ يَفُوتَهُ فَضْلُ الْأَذَانِ " انتهى .
وجاء في "المغني" لابن قدامة (1 / 303) : " وَالْأَفْضَلُ لِكُلِّ مُصَلٍّ أَنْ
يُؤَذِّنَ وَيُقِيمَ ، إلَّا أَنَّهُ إنْ كَانَ يُصَلِّي قَضَاءً أَوْ فِي غَيْرِ
وَقْتِ الْأَذَانِ لَمْ يَجْهَرْ بِهِ . وَإِنْ كَانَ فِي الْوَقْتِ ، فِي
بَادِيَةٍ أَوْ نَحْوِهَا ، اُسْتُحِبَّ لَهُ الْجَهْرُ بِالْأَذَانِ ؛ لِقَوْلِ
أَبِي سَعِيدٍ : " إذَا كُنْتَ فِي غَنَمِكَ أَوْ بَادِيَتِكَ فَأَذَّنْتَ
بِالصَّلَاة ، فَارْفَعْ صَوْتَكَ بِالنِّدَاءِ ، فَإِنَّهُ لَا يَسْمَعُ مَدَى
صَوْتِ الْمُؤَذِّنِ جِنٌّ وَلَا إنْسٌ وَلَا شَيْءٌ إلَّا شَهِدَ لَهُ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ . قَالَ أَبُو سَعِيدٍ : سَمِعْت ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ –" انتهى.
على أن الخطاب بالأذان العام ، وإعلان الناس بدخول الصلاة : إنما هو للرجال ، لا
للنساء .
وأما المرأة تؤذن لنفسها ، بصوت خفيض ، حيث لا يسمعها أحد من الرجال الأجانب : فلا
حرج فيه .
قال الشوكاني رحمه الله :
" الأذان : إعلام بدخول الوقت ، ودعاء إلي الصلاة ؛ فلا يكون إلا برفع الصوت ،
والمرأة مأمورة بالستر ، ولم يسمع في أيام النبوة ، ولا في الصحابة ، ولا فيمن
بعدهم من التابعين وتابعيهم : أنه وقع التأذين المشروع ، الذي هو إعلام بدخول الوقت
ودعاء إلي الصلاة ، من امرأة قط .
وأما أذان المرأة لنفسها ، أو لمن يحضر عندها من النساء ، مع عدم رفع الصوت رفعا
بالغا : فلا مانع من ذلك ..." انتهى، من "السيل الجرار" (1/122) .
وقد روي عن أم المؤمنين عَائِشَةَ رضي الله عنها ، : " أَنَّهَا كَانَتْ تُؤَذِّنُ
وَتُقِيمُ " .
وينظر : "الأوسط" ، لابن المنذر (3/53) .
ثانيا: الواجب عليك قبل الشروع في صلاة الفريضة أن تتيقني من دخول الوقت , وهذا
أصبح متاحا ميسورا الآن عبر الساعة ، وبرامج مواقيت الصلوات في النت ونحوه ، فإن
تيقنت من دخول الوقت وشرعت في الصلاة ثم سمعت أذان أخيك فأكملي صلاتك ولا تقطعيها ،
بل لا يجوز لك حينئذ قطعها اتفاقا ، ولا يشرع لك ترديد الأذان فيها على الراجح ،
أما من كان يصلي الفريضة وسمع الأذان ، وتبين أنه شرع في الصلاة قبل دخول الوقت ،
فهنا يجب عليه أن يقطع الصلاة ؛ لأنه لا تجوز الصلاة قبل دخول وقتها ، وقد سبق بيان
هذا في الفتوى رقم : (148194).
أما بالنسبة لمن كان يصلي النافلة ، ثم سمع الأذان فلا يقطع الصلاة ، ولكن هل
يردد الأذان في النافلة أو لا يردده ، اختلف في ذلك أهل العلم .
جاء في "مجموع الفتاوى" (22 / 72): " إذَا سَمِعَ الْمُؤَذِّنَ يُؤَذِّنُ وَهُوَ
فِي صَلَاةٍ فَإِنَّهُ يُتِمُّهَا ، وَلَا يَقُولُ مِثْلَ مَا يَقُولُ عِنْدَ
جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ . وَأَمَّا إذَا كَانَ خَارِجَ الصَّلَاةِ فِي قِرَاءَةٍ
أَوْ ذِكْرٍ أَوْ دُعَاءٍ ، فَإِنَّهُ يَقْطَعُ ذَلِكَ وَيَقُولُ مِثْلَ مَا
يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ " انتهى.
ثالثا: لا يجب عليك أن تنتظري أذان أخيك ؛ بل يجوز لك بمجرد دخول الوقت أن تؤذني
أنت ، وتصلي .
وإذا أمكنك أن تجتمعي أنت وأخوك ، وتصليا جماعة ، حيث لا يدرك هو الجماعة في مع
الناس في مسجد ، فهو خير لكما ؛ تقيمان شعيرة الجماعة ، وتؤجران على الصلاة ، وهي
أزكى لكما من صلاة كل منكما بمفرده .
وينظر للفائدة : جواب السؤال رقم : (40113).
والله أعلم.