تدخل على حسابه ، وتقرأ أشعاره التي يكتبها عن الحب ، فما حكم ذلك ؟
حكم مشاهدة حساب شخص أحبه في الانستقرام ، ومشاهدة صوره التي يرسلها علما بأني أغض البصر عنه هو؟ وما حكم قراءة أشعاره أو صوره التي يرسلها عن الحب ؟
الجواب
الحمد لله.
أولا :
يجب على المسلم أن يتقي الله تعالى في سره وعلانيته ، وأن يعلم أن الله تعالى مطلع
عليه ، وما يبدي من شيء أو يخفيه إلا والله عز وجل عالم به ، ثم هو مجازيه عن عمله
: إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر .
وإن مما تعظم به البلوى ، ويشتد به البلاء ، فتنة الرجال بالنساء ، وفتنة النساء
بالرجال ، وقد قال الله تعالى : ( وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً
أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا ) الفرقان/ 20 .
قال ابن القيم رحمه الله :
" فامتحن الأغنياء بالفقراء ، والفقراء بالأغنياء ، وامتحن الضعفاء بالأقوياء ،
والأقوياء بالضعفاء ، والسادة بالأتباع ، والأتباع بالسادة ، وامتحن المالك بمملوكه
، ومملوكه به ، وامتحن الرجل بامرأته ، وامرأته به ؛ وامتحن الرجال بالنساء ،
والنساء بالرجال ، والمؤمنين بالكفار ، والكفار بالمؤمنين " انتهى من "إغاثة
اللهفان" (2 /161) .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : (مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً هِيَ أَضَرُّ
عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ) رواه البخاري (5096) ، ومسلم (2740) ، وقال :
(فَاتَّقُوا الدُّنْيَا وَاتَّقُوا النِّسَاءَ، فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي
إِسْرَائِيلَ كَانَتْ فِي النِّسَاءِ) رواه مسلم (2742) .
ولذلك أمر الله عز وجل بغض البصر ؛ حسما لمادة الفتنة والشر، فقال : ( قُلْ
لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ
أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ
يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ ) النور/30-31 .
ثانيا :
نظر المرأة للرجل : إن كان بشهوة فهو حرام ، وإن كان بغير شهوة لم يحرم .
ينظر السؤال رقم : (49038) .
إلا أنه ينبغي على الشاب والشابة الاحتراز التام في هذا الأمر ، فإن الفتنة فيهما
أشد ، وكثير ما تحصل الفتنة بالنظر المجرد .
ثالثا :
هذا الرجل الذي يرسل على حسابه صورا عن الحب ، ويكتب أشعارا عن الحب والغرام : ليس
بمؤتمن في دينه وخلقه ، والفتنة به وبصوره وأشعاره حاصلة ، فلا يجوز الانشغال بشيء
من ذلك .
بل لو لم يكن في الكلام والصور التي ينشرها ما يعاب ، ولا فيها ما يذم ؛ لم يكن لك
أنت أن تتابعيها ، وأنت بهذه الحال التي ذكرت من التعلق به ؛ بل الواجب عليك أن
تغلقي كل باب للفتنة عن نفسك ، وتقطعي سبل التواصل معه ، ومتابعته مطلقا ، فإن
الإثم : حَوَّاز القلوب ؛ يعني : يخطفها من صاحبها ، ويحوزها في جانب المآثم ، حتى
لا يملك صاحبه بعد ذلك قلبه ، فقد غلبه عليه الهوى ، وتغلب عليه الشيطان .
عَنْ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
( ضَرَبَ اللهُ مَثَلًا : صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا، وَعَلَى جَنْبَتَيْ الصِّرَاطِ
سُورَانِ ، فِيهِمَا أَبْوَابٌ مُفَتَّحَةٌ ، وَعَلَى الْأَبْوَابِ سُتُورٌ
مُرْخَاةٌ ، وَعَلَى بَابِ الصِّرَاطِ دَاعٍ يَقُولُ : أَيُّهَا النَّاسُ ،
ادْخُلُوا الصِّرَاطَ جَمِيعًا، وَلَا تَتَعَرَّجُوا ، وَدَاعٍ يَدْعُو مِنْ فَوْقِ
الصِّرَاطِ .
فَإِذَا أَرَادَ يَفْتَحُ شَيْئًا مِنْ تِلْكَ الْأَبْوَابِ ، قَالَ: وَيْحَكَ لَا
تَفْتَحْهُ ، فَإِنَّكَ إِنْ تَفْتَحْهُ تَلِجْهُ ، وَالصِّرَاطُ الْإِسْلَامُ،
وَالسُّورَانِ: حُدُودُ اللهِ، وَالْأَبْوَابُ الْمُفَتَّحَةُ: مَحَارِمُ اللهِ ،
وَذَلِكَ الدَّاعِي عَلَى رَأْسِ الصِّرَاطِ: كِتَابُ اللهِ ، وَالدَّاعِي مِنِ
فَوْقَ الصِّرَاطِ: وَاعِظُ اللهِ فِي قَلْبِ كُلِّ مُسْلِمٍ ) رواه أحمد (17634)
وصححه الألباني .
فتأملي ، يا أمة الله ، هذا الحديث الجليل من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ،
وانظري كيف دل العبد الناصح لنفسه على لزوم الصراط المستقيم ، وكيف حذره من أن
تتخطفه الشياطين ، وهو في سيره إلى ربه ، وكيف أنه أمره بإغلاق أبواب الفتن عنه ،
فإنه متى فتح منها شيئا ، أوشك أن يقع فيه ، من حيث يدري ، أو لا يدري !!
فالذي ننصحك به أن تغلقي عن نفسك باب الفتنة فلا تدخلي على حساب هذا الشخص ولا
تلتفتي إليه ولا إلى صوره وأشعاره ، وليكن إقبالك على الله ، وعلى ما ينفعك في
دنياك وأخراك .
وانظري لمزيد الفائدة الفتوى رقم : (134595) .
والله أعلم .