الحمد لله.
ثانيا :
قوله في الحديث : (إِذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ البِكْرَ عَلَى الثَّيِّبِ أَقَامَ
عِنْدَهَا سَبْعًا) وقوله أيضا : (وَإِذَا تَزَوَّجَ الثَّيِّبَ عَلَى البِكْرِ
أَقَامَ عِنْدَهَا ثَلاَثًا) ، لا مفهوم له .
بمعنى : أن الزوجة الجديدة إذا كانت بكرا : فلها الحق في سبعة أيام ، سواء كانت
الزوجة التي عنده قبلها ثيبا ، أم تزوجها بكرا .
فإذا كانت الزوجة الجديدة ثيبا فلها الحق في ثلاثة أيام ، سواء كانت الزوجة القديمة
ثيبا أم بكرا.
فهذا الحق هو حق للزوجة الجديدة ، ولا يؤثر فيه كون الزوجة التي عنده بكرا أم ثيبا
، وإنما الذي يؤثر فيه حال الزوجة الجديدة .
وقد ترجم الإمام البخاري في صحيحه : "باب : إذا تزوج الثيب على البكر" .
قال السندي رحمه الله : " قوله : (إذا تزوج الرجل البكر على الثيب) أي : القديمة .
ولعل إطلاق الثيب بناء على أن القديمة عادة تكون ثيباً.
وقوله : إذا تزوج الثيب على البكر ، أي : على من تزوجها بكراً ، وعلى من هي باقية
على بكارتها ، فإذا كان حكم الثيب على البكر هو هذا ، كان على الثيب بالأولى ،
والله تعالى أعلم اهـ " حاشيته على البخاري (3/177) . وينظر : "الفجر الساطع على
الصحيح الجامع" (7/107) .
وقد صرح بذلك غير واحد من أهل العلم :
قال البجيرمي في حاشيته على المنهج (12/416) الشاملة :
"قَوْلُهُ : (إذا تزوج البكر عَلَى الثَّيِّبِ) وَالثَّيِّبُ لَيْسَتْ بِقَيْدٍ
بَلْ مِثْلُهَا الْبِكْرُ ... قَوْلُهُ : (وَإِذَا تَزَوَّجَ الثَّيِّبَ عَلَى
الْبِكْرِ) لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ مِثْلُهَا الثَّيِّبُ" انتهى .
ومثله في "حاشية الجمل" (4/284) أيضا . وينظر أيضا : "أسهل المدارك شرح إرشاد
السالك" (1/97) .
ويؤيد هذا : أن بعض ألفاظ الحديث جاءت مطلقة ، فذكرت حال الزوجة الجديدة فقط ، ولم
تذكر شيئا عن الزوجة الأخرى ، مما يدل على أن حالها غير مؤثر في الحكم .
ففي لفظ البخاري (4812) قَالَ أنس رضي الله عنه : (السُّنَّةُ إِذَا تَزَوَّجَ
الْبِكْرَ أَقَامَ عِنْدَهَا سَبْعًا ، وَإِذَا تَزَوَّجَ الثَّيِّبَ أَقَامَ
عِنْدَهَا ثَلَاثًا) .
وروى مسلم (2653) عن أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
(لِلْبِكْرِ سَبْعٌ ، وَلِلثَّيِّبِ ثَلاَثٌ).
وروى ابن ماجة وابن حبان (4208) والبيهقي (4631) عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى
الله عليه وسلم أنه قال : قال : (سَبْعٌ لِلْبِكْرِ ، وَثَلَاثٌ لِلثَّيِّبِ) وصححه
الألباني في صحيح الجامع (9311) ، وقال شعيب الأرنؤوط في تحقيق صحيح ابن حبان :
إسناده صحيح على شرط مسلم .
قال إسحاق بن منصور الكوسج ، في مسائله للإمامين : أحمد ، وإسحاق بن راهويه :
" قُلْتُ : إذا تزوج البكرَ على الثيبِ ، أو الثيبَ على البكرِ ؟
قَالَ : يُقيم عند البكرِ سبعًا ثم يدور ، وعند الثيبِ ثلاثًا ثم يدورُ .
قَالَ إسحاق : كمَا قَالَ ." مسائل أحمد وإسحاق (1/356) .
والله أعلم .