دور النشر تكتب في بدايات كثير من الكتب مثل هذه العبارة : " لا يجوز نسخ أو تصوير بأي آلة أو وسيلة أي صفحة من صفحات هذا الكتاب إلا بترخيص خطي من الناشر ". فلو وجدت هذه الكتب منشورة في الإنترنت بلا ثمن ، ومتاحة لكل من أراد تحميلها ، فهل يجوز تحميلها وقراءتها ؟
الحمد لله.
لا حرج في تحميل الكتب الإلكترونية المنشورة على الإنترنت ، أو القراءة منها ؛ لأنها لا تخلو أن تكون على أحد حالين :
الأول :
أن تكون قد نشرت بإذن مؤلفيها أو مالكي حقوق النشر فيها - وهي كتب كثيرة والحمد لله - رغبةً من أصحاب هذه المؤلفات والدراسات في نشر العلم والمعرفة عبر وسائل العلم الإلكترونية ، وابتغاء الأجر والثواب من الله عز وجل .
الثاني :
أن تكون قد نشرت بغير إذن أصحاب حقوق النشر فيها ؛ ولكن يكون الغرض من تحميلها وقراءتها هو الانتفاع الشخصي ، لا النشر التجاري ، ولا السطو على الجهد بتحويره وانتحاله .
وحينئذ ليس من حق المؤلف ولا دار النشر منع المثقفين ولا طلبة العلم من قراءة وتحميل هذه الكتب المنشورة إلكترونياً .
وما صدر من قرارات مجمعية في الاعتراف بحقوق التأليف والابتكار ينبغي فهمه في إطار ضبط المنافع التجارية أولاً ، ومنع مفسدة الانتحال والتزوير ثانياً ، وليس في إطار الحجب التام لجميع أشكال الاستفادة ، حتى إن بعضهم يَعدُّ مجرد النقل عن الكتاب أو المقال مع العزو إلى قائله عدواناً على حقوق التأليف ، ما لم يتحصل على إذن خاص بهذا النقل عينه !!
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن حكم تصوير الكتب فأجاب بقوله :
" الذي نراه أنه إن كان للاستعمال الشخصي : فلا بأس ، أما إن كان للاتجار فلا يجوز لأنه يُضِرُّ بهم " .
انتهى من " ثمرات التدوين " (ص: 142).
وقال أيضا رحمه الله :
" الذي أرى أن الإنسان إذا نسخها لنفسه فقط : فلا بأس ، وأما إذا نسخها للتجارة فهذا لا يجوز ؛ لأن فيه ضرراً على الآخرين ، يشبه البيع على بيع المُسْلم ؛ لأنهم إذا صاروا يبيعونه بمائة ، ونسخته أنت وبعته بخمسين ؛ هذا بيع على بيع أخيك " .
انتهى باختصار من " لقاء الباب المفتوح " (178/ 19، بترقيم الشاملة آليا) .
وليس السياق هنا سياق تفصيل هذه القضية الشائكة ، واستعراض أقوال العلماء فيها في جميع أحوالها وأقسامها ، وإنما المقصود بيان عدم الحرج على المتعلم والمثقف والباحث في تحميل الكتب التي يقف عليها في مواقع الإنترنت وتنزيلها ، مع العناية بأمانة النقل والعزو والبعد عن أي غرض تجاري جراء هذا التحميل أو النشر ، خاصة وأنه قد اختلط النوعان اللذان سبق ذكرهما في مقدمة الجواب ببعضهما في الفضاء الإلكتروني ، فلا يملك أحد سد باب الإباحة الأصلية بالشك المظنون أو العارض .
وقد أثبت السوق العلمي والكتبي والحمد لله أن النشر الإلكتروني سوق آخر مغاير للنشر الورقي ، لا يلغي أحدهما الآخر ، بل لكل منهما مريدوه ورواده .
وينظر جواب السؤال : (116782)، (116786) ، (81614) .
والله أعلم .