الحمد لله.
ثانيا :
يدل على ذلك ما ثبت في السنة من كون النبي صلى الله عليه وسلم كان يقف على رؤوس
الآي .
- فروى أبو داود (4001) والترمذي (2927) - واللفظ له - عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ،
قَالَتْ: " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَطِّعُ
قِرَاءَتَهُ يَقْرَأُ: (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) ، ثُمَّ يَقِفُ،
(الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ، ثُمَّ يَقِفُ ".
قال ابن الجزري رحمه الله :
" حَدِيثٌ حَسَنٌ ، وَسَنَدُهُ صَحِيحٌ " .
"النشر في القراءات العشر" (1/ 226)
وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" .
قال القاري رحمه الله :
" (يُقَطِّعُ قِرَاءَتَهُ) ، أَيْ: يَقْرَأُ بِالْوَقْفِ عَلَى رُؤُوسِ الْآيَاتِ "
انتهى .
"مرقاة المفاتيح" (4/ 1503)
- وروى أحمد (26470) عَنْ نَافِعِ بْنِ عُمَرَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ
بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ نَافِعٌ:
أُرَاهَا حَفْصَةَ - أَنَّهَا سُئِلَتْ عَنْ قِرَاءَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَتْ: إِنَّكُمْ لَا تَسْتَطِيعُونَهَا . قَالَ: فَقِيلَ
لَهَا : أَخْبِرِينَا بِهَا. قَالَ: فَقَرَأَتْ قِرَاءَةً تَرَسَّلَتْ فِيهَا .
قَالَ نَافِعٌ: فَحَكَى لَنَا ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ : (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ
الْعَالَمِينَ) . ثُمَّ قَطَّعَ ، (الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ثُمَّ قَطَّعَ ،
(مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ)
قال محققو المسند : " رجاله ثقات رجال الشيخين " .
وصححه الألباني في "صفة الصلاة" - الأصل (1/295)
- روى الترمذي (2923) والنسائي (1022) والحاكم (1165) عَنْ يَعْلَى بْنِ مَمْلَكٍ،
أَنَّهُ سَأَلَ أُمَّ سَلَمَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وَصَلَاتِهِ، قَالَتْ: " مَا لَكُمْ وَصَلَاتَهُ " ثُمَّ نَعَتَتْ
قِرَاءَتَهُ ، فَإِذَا هِيَ تَنْعَتُ قِرَاءَةً مُفَسَّرَةً حَرْفًا حَرْفًا "
صححه الترمذي والحاكم ، وحسنه البغوي في "شرح السنة" (4/482) وضعفه الألباني في
"ضعيف الترمذي" .
قال السخاوي رحمه الله :
" قولها: " مفسرة حرفاً حرفاً " ما سبق في الحديث الأول من الوقف على رأس الآية "
انتهى من "جمال القراء" (ص 668)
ثالثا :
ذهب بعض أهل العلم إلى عدم الوقف على أواخر الآي ، إذا كان شديد التعلق بما بعده ،
كقوله تعالى : ( فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ
سَاهُونَ ) الماعون/ 4، 5
قال زكريا الأنصاري رحمه الله في "المقصد" (ص 5):
" يسن للقارئ أن يتعلم الوقوف، وأن يقف على أواخر الآي إلا ما كان شديد التعلق بما
بعده، كقوله تعالى: (وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا
فِيهِ يَعْرُجُونَ) الحجر/ 14 ، وقوله : (لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) سورة ص/
82 ؛ لأن اللام في الأول واللام في الثاني متعلقان بالآية قبلهما " انتهى .
والأرجح : الوقوف على رؤوس الآي مطلقا ، وإن كان شديد التعلق بما بعده ؛ لظاهر
السنة ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" وُقُوفُ الْقَارِئِ عَلَى رُءُوسِ الْآيَاتِ سُنَّةٌ، وَإِنْ كَانَتْ الْآيَةُ
الثَّانِيَةُ مُتَعَلِّقَةً بِالْأُولَى تَعَلُّقَ الصِّفَةِ بِالْمَوْصُوفِ، أَوْ
غَيْرِ ذَلِكَ " انتهى من "الفتاوى الكبرى" (5/ 334)
وإنما يُمنع من القطع والتوقف عن القراءة تماما إذا أخل بالمعنى ، كمن يقرأ : (
فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ ) ثم ينهي القراءة ولا يقرأ الآية التي بعدها .
رابعا :
من الكتب التي عنيت بالكلام عن هذه المسألة - غير ما ذكرنا - :
- "الجامع لأحكام القرآن" (20/ 201) للقرطبي.
- "التحرير والتنوير" (1/ 76) لابن عاشور .
- "المكتفى في الوقف والابتدا" لأبي عمرو الداني (ص 244)
- "جمال القراء وكمال الإقراء" (ص 673) لعلم الدين السخاوي
- "البرهان في علوم القرآن" (1/ 350) لبدر الدين الزركشي .
- "الإتقان في علوم القرآن" (1/ 299) لجلال الدين السيوطي .
وينظر للفائدة جواب السؤال رقم : (13340)
والله تعالى أعلم .