الحمد لله.
لكن الجن وإن كانوا لهم قدرة
على السرقة ، إلّا أنهم لا قدرة لهم على فتح باب مغلق .
عن جَابِر بْن عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا كَانَ جُنْحُ اللَّيْلِ ، أَوْ
أَمْسَيْتُمْ ، فَكُفُّوا صِبْيَانَكُمْ ، فَإِنَّ الشَّيَاطِينَ تَنْتَشِرُ
حِينَئِذٍ ، فَإِذَا ذَهَبَتْ سَاعَةٌ مِنَ اللَّيْلِ فَخَلُّوهُمْ ، وَأَغْلِقُوا
الأَبْوَابَ ، وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لاَ يَفْتَحُ
بَابًا مُغْلَقًا ) رواه البخاري (3304) ، ومسلم (2012) .
فالحديث نصّ على أن الشيطان لا قدرة له على فتح الباب المغلق .
قال الإمام ابن عبد البر رحمه الله تعالى :
" وأما قوله : ( إن الشيطان لا يفتح غلقا ، ولا يحل وكاء ) فذلك إعلام منه ، وإخبار
عن نعم الله عز وجل على عباده من الإنس ، إذ لم يعط قوة على فتح باب ، ولا حل وكاء
، ولا كشف إناء ، وأنه قد حرم هذه الأشياء " انتهى " الإستذكار" (26 / 294) .
وقيّد بعض أهل العلم ذلك إذا ذكر اسم الله تعالى عند غلقه .
قال ابن حجر رحمه الله تعالى :
" وفي رواية زاد في كل من الأوامر المذكورة ( واذكر اسم الله تعالى ) ... ذكر اسم
الله يحول بينه – أي الشيطان - وبين فعل هذه الأشياء ، ومقتضاه أنه يتمكن من كل ذلك
إذا لم يذكر اسم الله ، ويؤيده ما أخرجه مسلم والأربعة عن جابر رفعه : ( إذا دخل
الرجل بيته فذكر الله عند دخوله وعند طعامه قال الشيطان : لا مبيت لكم ولا عشاء ،
وإذا دخل فلم يذكر الله عند دخوله قال الشيطان : أدركتم ) ، وقد تردد ابن دقيق
العيد في ذلك فقال في شرح الإلمام : يحتمل أن يؤخذ قوله ( فإن الشيطان لا يفتح بابا
مغلقا) على عمومه ، ويحتمل أن يخص بما ذكر اسم الله عليه " انتهى من " فتح الباري "
(11 / 87 – 88).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
" لكن الشياطين إنما تتسلط على من لا يذكر اسم الله ؛ كالذي لا يذكر اسم الله إذا
دخل ، فيدخلون معه ، وإن لم يذكر اسم الله إذا أكل ، فإنهم يأكلون معه .
وكذلك إذا ادّخر شيئاً ، ولم يذكر اسم الله عليه ، عرفوا به ، وقد يسرقون بعضه ،
كما جرى هذا لكثيرٍ من الناس .
وأما من يذكر اسم الله على طعامه ، وعلى ما يختاره ، فلا سلطان لهم عليه ، لا
يعرفون ذلك ، ولا يستطيعون أخذه " انتهى من كتابه " النبوات " (2 / 1022) .
فالحاصل : أن عليك أن تذكر
اسم الله تعالى عند غلقك باب خزانة أموالك ، فإن الشيطان لا يقدر على فتحه ، كما
أخبر الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم ، وواظب على قراءة آية الكرسي فإنها تطرد
الشياطين عنك ، وتحفظك من شرها كما دلّ عليه حديث أبي هريرة السابق .
وعليك أن تحتاط أكثر في حفظ أموالك وذلك بتغيير الرقم السري ، وإذا استطعت فضع جهاز
مراقبة ونحو هذا ، فلعل هناك من يدخل البيت في غيابك وله خبرة في فتح الخزائن
المغلقة.
ولمزيد الفائدة راجع الفتوى رقم : (101681)
.
ثانيا :
عودة المسروق هو أمر ممكن عقلا، ولكن لا نعلم وسيلة معينة لاستعادة الأموال التي
سرقها الجن ، فعليك بكثرة اللجوء إلى الله تعالى بدعائه أن يرد عليك ما ضاع منك .
قال الله تعالى :( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ
دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي
لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ) البقرة /186 .
وإذا بقيت في ريب من أمرك ، ولم ينقطع عنك ضياع مالك ، وأمكنك أن تغير منزلك ، من
غير ضرر زائد عليك : فلا بأس بذلك ، بل قد يكون فيه منفعة ومصلحة لكم ، إن شاء الله
.
والله أعلم .