الحمد لله.
الشرط الثاني :
يجب خصم جميع النفقات التشغيلية من الربح قبل قسمته ؛ حتى تسلم رؤوس الأموال .
قال الخطيب الشربيني في "مغني المحتاج" (2/317-318) : " وَمَا يَأْخُذُهُ
الرَّصَدِيُّ وَالْخَفِيرُ يُحْسَبُ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ [المضاربة] ، وَكَذَا
الْمَأْخُوذُ ظُلْمًا ، كَأَخْذِ الْمَكْسَةِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ .
وَعَلَى الْعَامِلِ فِعْلُ مَا يُعْتَادُ فِعْلُهُ مِنْ أَمْثَالِهِ مِنْ عُمَّالِ
الْقِرَاضِ بِحَسَبِ الْعُرْفِ ..
وَمَا لَا يَلْزَمُهُ كَأُجْرَةِ كَيْلٍ وَحِفْظٍ ، لَهُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ
مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ تَتِمَّةِ التِّجَارَةِ وَمَصَالِحِهَا،
وَلَوْ فَعَلَهُ بِنَفْسِهِ لَمْ يَسْتَحِقَّ أُجْرَةً .
وَمَا يَلْزَمُهُ فِعْلُهُ لَوْ اكْتَرَى عَلَيْهِ مَنْ فَعَلَهُ فَالْأُجْرَةُ فِي
مَالِهِ لَا فِي مَالِ الْقِرَاضِ، فَلَوْ شَرَطَ عَلَى الْمَالِكِ الِاسْتِئْجَارَ
عَلَيْهِ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ حَكَى الْمَاوَرْدِيُّ فِيهِ وَجْهَيْنِ،
وَالظَّاهِرُ مِنْهُمَا عَدَمُ الصِّحَّةِ" انتهى .
وبناء على هذا ؛ فالاتفاق الذي أجراه والدك غير صحيح شرعا ، ولتصحيحه لابد من تحديد
نسبة الأرباح ، وتكون هذه النسبة من صافي الربح ، أي : بعد خصم جميع المصروفات .
وهذا إنما هو فيما يستقبل ، أما الاتفاق الذي تم في الماضي فإنه يكون لاغيا ،
ويُسأل أهل الخبرة : إذا أجريت هذه المشاركة ، فكم يكون لكل واحد من الشريكين من
الربح ؟ ويتم التقسيم على هذا .
قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله بعد أن ذكر أن مذهب الحنابلة أن المضاربة إذا
كانت فاسدة [كالصورة الواردة في السؤال] فإن الربح كله يكون لصاحب المال ، ويكون
للعامل الأجرة التي يأخذها من قام بهذا العمل .
قال : "والصحيح في هذه المسألة أن للعامل سهم المثل، فيقال: لو اتجر الإنسان بهذا
المال كم يعطى في العادة؟ فقالوا ـ مثلاً ـ: يعطى نصف الربح، فيكون له نصف الربح،
وهكذا؛ لأن العامل إنما عمل على أنه شريك، لا على أنه أجير، ولأنا لو قلنا: يعطى
الأجرة فربما تحيط الأجرة بالربح كله، وحينئذٍ يخسر رب المال، ورب المال لم يعطه
على أنه أجير" .
انتهى من "الشرح الممتع" (9/422) ، وهذا القول الذي صححه الشيخ رحمه الله هو مذهب
المالكية . ينظر : " الموسوعة الفقهية" (38/79) .
والله أعلم .