إذا وكل شخص بإخراج الصدقة عنه ثم نوى جعلها زكاة قبل تسليمها للفقير
أريد أن اسأل عن رجل دفع مالا لشخص ليوصله صدقة إلى آخر ، وقبل وصول المال لهذا الشخص نواها زكاة دون إخبار الوكيل فهل تقع ؟
الجواب
الحمد لله.
من دفع صدقة للفقير بنية التطوع ، ثم نوى احتسابها من الزكاة : لم تجزئه ؛ لقوله
عليه الصلاة والسلام : (إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ
امْرِئٍ مَا نَوَى)، وهذا لم ينو إلا بعد إخراجها فلم تصح .
والنية شرط في إخراج الزكاة ، ولا بد أن تكون مقارنةً للفعل ، أو تتقدم عليه بزمن
يسير.
وقد سبق بيان هذا في جواب السؤال : (143729)
، (130572)
.
وأما إذا دفع الزكاة إلى وكيله ليخرجها صدقة ، ثم غير نيته ونوى بها الزكاة قبل أن
يدفعها الوكيل إلى الفقير : فإنها تجزئه عن الزكاة .
وذلك لأن المال ما دام موجوداً في يد الوكيل ، فهو في ملك صاحبه ، ولم يخرج عنه ،
فتحقق فيه أنه نوى الزكاة قبل إخراج المال من ملكه .
جاء في "المحيط البرهاني في الفقه النعماني" (2/292):
" وفي الفتاوى عن الحسن: رجل أعطى رجلاً دراهم يتصدق بها على الفقراء، فلم يتصدق
حتى نوى الآمر : من زكاته ، من غير أن يقول شيئاً، ثم تصدق المأمور جاز من زكاته .
وكذا لو أمره أن يتصدق بها عن كفارة يمينه ، ثم نوى زكاة ماله ، ثم تصدق...
وفي مجموع النوازل : سئل نجم الدين: عن المؤذن يقوم عند حضور السُّؤال من الفقراء
لأخذ الصدقات من أهل الجماعة ، فدفع إنسان إليه درهماً ، ولم يُحضر نية الزكاة ،
فقبل أن يدفع المؤذن ذلك إلى الفقير ، نوى عن الزكاة ، ثم دفع المؤذن ذلك إلى
الفقراء ، قال: تجزئه عن الزكاة، ويد المؤذن يد الدافع إلى أن يصل إلى الفقير"انتهى
.
وقال الماوردي :
" لَوْ نَوَى بَعْدَ دَفْعِهَا إِلَى وَكِيلِهِ ، فَإِنْ كَانَتْ نِيَّتُهُ قَبْلَ
صَرْفِهَا إِلَى أَهْلِ السُّهْمَانِ : أَجْزَأَهُ ، وَإِنْ كَانَتْ نِيَّتُهُ
بَعْدَ صَرْفِهَا إِلَيْهِمْ : لَمْ يُجْزِهِ ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ مُسْتَهْلَكَةً
، وَاللَّهُ أَعْلَمُ".
انتهى من " الحاوي الكبير " (3/179) ، وينظر: "المجموع شرح المهذب" (6/183).
وقال ابن حجر الهيتمي : " لَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ تَصَدَّقْ بِهَذَا ، ثُمَّ نَوَى
الزَّكَاةَ قَبْلَ تَصَدُّقِهِ : أَجْزَأَ عَنْهَا ". انتهى من "تحفة المحتاج"
(3/348).
وقال الحجاوي:
" ولَوْ قَالَ لِوَكِيلِهِ: تَصَدَّقْ بِه نَفْلًا ، أَوْ عَنْ كَفَّارَتِي ، ثُمَّ
نَوَى الزَّكَاةَ قَبْلَ أَنْ يَتَصَدَّقَ: أَجْزَأَ عَنْهَا ؛ لِأَنَّ دَفْعَ
وَكِيلِهِ كَدَفْعِهِ " انتهى من "الإقناع في فقه الإمام أحمد بن حنبل" (1/ 286).
قال في "كشاف القناع" (5/ 92): " فَكَأَنَّهُ نَوَى الزَّكَاةَ، ثُمَّ دَفَعَ
بِنَفْسِهِ" انتهى .
والله أعلم .