حكّما شخصا بينهما وحلفهم بالطلاق الثلاث على تنفيذ حكمه

04-12-2016

السؤال 249013


اختلفنا أنا وشخصين حول مسائل مادية ، فاتفقنا أن يحكم بيننا شخص معين ، قيل لنا : إنه عنده علم شرعي ، فاشترط علينا كي يضمن تنفيذ حكمه أن من لا ينفذ تكون زوجته طالق ثلاثا ، ووافقنا على هذا الشرط طبعا بدون نية حقيقة في الطلاق . فما حكم من لا ينفذ هل تكون زوجته طالق ثلاثا بالفعل أم ماذا ؟

الجواب

الحمد لله.


أولا:
يجوز تحكيم عالم بالشرع في المنازعات ، ويجب التزام الحكم الصادر منه ، ويأثم من أبى تنفيذه .
قال في " كشاف القناع " (6/308): " وإن تحاكم شخصان إلى رجل للقضاء بينهما ، فحكم : نفذ حكمه في المال والقصاص والحد والنكاح واللعان وغيرها ، حتى مع وجود قاض، فهو كحاكم الإمام ، لما روى أبو شريح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: ( إن الله هو الحكم فلم تكنى أبا الحكم؟) قال: إن قومي كانوا إذا اختلفوا في شيء أتوني فحكمت بينهم، فرضي الفريقان. قال: (فما أحسن هذا، فمن أكبر ولدك؟) قال: شريح. قال: (فأنت أبو شريح) أخرجه النسائي.
وعنه صلى الله عليه وسلم: (من حكم بين اثنين تحاكما إليه وارتضيا به ، فلم يعدل بينهما بالحق: فعليه لعنة الله) رواه أبو بكر .
ولولا أن حكمه يلزمهما لما لحقه هذا الذم، ولأن عمر وأُبيًّا تحاكما إلى زيد بن ثابت، وتحاكم عثمان وطلحة إلى جبير بن مطعم، ولم يكن أحد منهما قاضيا ...
ولكل واحد من الخصمين الرجوع عن تحكيمه قبل شروعه في الحكم ، لأنه لا يلزم حكمه إلا برضا الخصمين ، ولا يصح رجوع أحدهما بعد شروعه في الحكم وقبل تمامه ، ( وقال الشيخ [ابن تيمية]:وإن حكّم أحدهما خصمه ، أو حكّما مفتيا في مسألة اجتهادية : جاز. وينبغي أن يشهد عليهما بالرضا به قبل حكمه ، لئلا يجحد المحكوم عليه منهما" انتهى باختصار .

فإذا تراضيتم على تحكيم هذا الشخص، وكان من أهل العلم، لزمكم امتثال حكمه.
وكان يكفيه أن يُشهد عليكم أنكم سترضون ، وتنفذون حكمه.

ثانيا:
الطلاق المعلق على شرط : يقع عند تحقق الشرط في قول جمهور أهل العلم من المذاهب الأربعة، سواء أراد صاحبه الطلاق ، أو لم يرد.
وإذا كان الطلاق ثلاثا، وقع ثلاثا.

وعلى هذا ؛ فمن لم ينفذ منكم الحكم طلقت امرأته ثلاثا، وبانت منه، على المذاهب الأربعة.

وذهب بعض أهل العلم - وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره - وهو الراجح - إلى أن هذا التعليق فيه تفصيل ، يُرجع فيه إلى نية القائل، فإن قصد حث نفسه على الفعل ، ولم يقصد الطلاق، فحكمه حكم اليمين، فتلزمه كفارة يمين إذا حنث ، ولا يقع بذلك طلاق.
وإن قصد وقوع الطلاق : طلقت زوجته عند حنثه ، وعدم تنفيذه الحكم، لكن تطلق طلقة واحدة؛ لأن الطلاق الثلاث يقع طلقة واحدة على الراجح. وينظر: سؤال رقم : (96194) .

ونصيحتنا امتثال الحكم وتنفيذه ؛ لأن ذلك واجب كما تقدم ، ولأن عدم التنفيذ يؤدي إلى بينونة الزوجة عند جمهور الفقهاء ، والعاقل لا يدخل نفسه في هذه الورطات ، ولا يؤثر المال على تعريض نكاحه للزوال .
والله أعلم.

الإيمان بالقضاء والقدر الطلاق
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب