الحمد لله.
لم نستطع الجزم بالدعاء الذي يقصده السائل ، إلا أنه يغلب على الظن أن المقصود بذلك هو قول القائل :" يا معشر الجن أناشدكم بالعهد الذي أخذه عليكم سليمان بن داود إن لا تظهروا لنا ولا تؤذونا "
وهذا القول مشهور عند كثير من الناس أنه يقال في مثل هذه المواضع .
وقد ورد فيه حديث ضعيف لا يصح .
أخرجه أبو داود في "سننه" (5260) ، والترمذي في "سننه" (1485) ، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" (968) ، وابن أبي شيبة في "مصنفه" (19914) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (7/79) ، والبيهقي في "الآداب" (364) ، جميعا من طريق ابْن أَبِي لَيْلَى ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى ، عَنْ أَبِيهِ : " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، سُئِلَ عَنْ حَيَّاتِ الْبُيُوتِ ، فَقَالَ:( إِذَا رَأَيْتُمْ مِنْهُنَّ شَيْئًا فِي مَسَاكِنِكُمْ ، فَقُولُوا: أَنْشُدُكُنَّ الْعَهْدَ الَّذِي أَخَذَ عَلَيْكُنَّ نُوحٌ ، أَنْشُدُكُنَّ الْعَهْدَ الَّذِي أَخَذَ عَلَيْكُنَّ سُلَيْمَانُ ، أَنْ لَا تُؤْذُونَا !!
فَإِنْ عُدْنَ ، فَاقْتُلُوهُنَّ) " .
وإسناده ضعيف ، فيه محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، سيء الحفظ ، قال الإمام أحمد :" كان سيء الحفظ ، مضطرب الحديث ، وكان فقه ابن ابى ليلى أحب الينا من حديثه ، حديثه فيه اضطراب ، وقال ابن معين : ليس بذاك ". انتهى من "الجرح والتعديل" (7/323) ، وقال ابن حبان في "المجروحين" (2/244) :" كَانَ رَدِيء الْحِفْظ كثير الْوَهم فَاحش الْخَطَأ ، يروي الشَّيْء على التَّوَهُّم ، وَيحدث على الحسبان ، فَكثر الْمَنَاكِير فِي رِوَايَته ، فَاسْتحقَّ التّرْك ؛ تَركه أَحْمد بن حنبل وَيحيى بن معِين ". انتهى
والحديث ضعفه الشيخ الألباني في "السلسلة الضعيفة" (1508) .
ويغني عن ذلك : ما ثبت في الأحاديث الصحيحة من الأذكار التي من قالها حفظه الله من شر كل ذي شر ، ومن ذلك :
أن يقول المسلم إذا ذهب إلى أي مكان " أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ ".
والحديث الوارد في ذلك رواه مسلم في "صحيحه" (2708) ، من حديث خَوْلَةَ بِنْت حَكِيمٍ السُّلَمِيَّةَ ، قالت: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:(مَنْ نَزَلَ مَنْزِلًا ثُمَّ قَالَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ ، لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ ، حَتَّى يَرْتَحِلَ مِنْ مَنْزِلِهِ ذَلِكَ).
ومنها : أن يقول المسلم صباحا ومساءا :" بِسْمِ اللهِ الَّذِي لاَ يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاءِ ، وَهُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ ".
والحديث أخرجه الترمذي في "سننه" (3388) ، من حديث عُثْمَانَ بْن عَفَّان ، قال : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:(مَا مِنْ عَبْدٍ يَقُولُ فِي صَبَاحِ كُلِّ يَوْمٍ وَمَسَاءِ كُلِّ لَيْلَةٍ: بِسْمِ اللهِ الَّذِي لاَ يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاءِ ، وَهُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، فَيَضُرَّهُ شَيْءٌ).
والحديث صحيح ، صححه الشيخ الألباني في "صحيح الترمذي" (2698) .
ومنها : قراءة سورة الإخلاص ، والمعوذتين ، ثلاث مرات ، في الصباح والمساء .
والحديث الوارد في أخرجه أبو داود في "سننه" (5082) من حديث عَبْدِ اللهِ بْنِ خُبَيْبٍ ، قال: " خَرَجْنَا فِي لَيْلَةٍ مَطِيرَةٍ وَظُلْمَةٍ شَدِيدَةٍ نَطْلُبُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي لَنَا، قَالَ: فَأَدْرَكْتُهُ، فَقَالَ:(قُلْ فَلَمْ أَقُلْ شَيْئًا، ثُمَّ قَالَ: قُلْ، فَلَمْ أَقُلْ شَيْئًا، قَالَ: قُلْ، فَقُلْتُ، مَا أَقُولُ؟ قَالَ: قُلْ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، وَالمُعَوِّذَتَيْنِ ، حِينَ تُمْسِي وَتُصْبِحُ ، ثَلاَثَ مَرَّاتٍ ؛ تَكْفِيكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ) " .
والحديث حسن ، حسنه الشيخ الألباني في "صحيح الترمذي" (2829) .
ومنها : قراءة آية الكرسي قبل النوم .
والحديث الوارد في ذلك أخرجه البخاري في "صحيحه" (2311) ، وهو حديث أبي هريرة المشهور ، وفيه تكليمه الشيطان ، والشاهد فيه :( إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ ، فَاقْرَأْ آيَةَ الكُرْسِيِّ:( اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلَّا هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ ) البقرة/255 ، حَتَّى تَخْتِمَ الآيَةَ ، فَإِنَّكَ لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ ، وَلاَ يَقْرَبَنَّكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ ) .
وينبغي للمسلم عندما يقول هذه الأذكار أن يتوكل على الله عز وجل ، فإنه من توكل عليه كفاه ، وهو الحفيظ العليم .