يسأل عن الانتفاع بالصوف المستورد من بلاد غير المسلمين ؟

20-09-2017

السؤال 265330

كنت أود السؤال عن حكم لبس الصوف فقد قرأت على موقعكم أنه مختلف في حكمه إذا كان من ميتة أو لا ؟ فهل إذا استخدمت ملابس مصنوعة من الصوف وهي مستوردة من الهند ولا أعلم مصدر الصوف من ميتة أو لا فهل يجب التحري عن مصدره؟ وكذلك الأنجورا هل هو حلال أو حرام استخدامه؟ وهل هناك أنواع صوف يحرم استخدامها؟

ملخص الجواب:

ملخص الجواب : يجوز لبس الأصواف المستوردة من بلاد الكفار ، ولو جهل الحيوان الذي أخذت منه ، أو جهلت حياته ، ولا يشرع تكلف السؤال عن مثل ذلك . بل لو افترض أن هذه الملابس : دخل فيها شعر ، أو صوف من حيوان نجس ، لكانت جائزة الاستعمال ، طاهرة ، على القول الراجح 

الجواب

الحمد لله.

يجوز لبس الأصواف المستوردة من بلاد غير المسلمين ؛ سواء جُزّ صوفها من بهيمة حية ، أو ميتة؛ لأن صوف الميتة وشعرها طاهر عند جمهور العلماء وهو مذهب الحنفية والمالكية والحنابلة، وهو وجه عند الشافعية .

قال ابن قدامة رحمه الله :

"( وصوف الميتة وشعرها طاهر ) : يعني شعر ما كان طاهرا في حياته وصوفه ، وروي ذلك عن الحسن وابن سيرين .

وأصحاب عبد الله قالوا : إذا غسل ، وبه قال مالك  ، والليث بن سعد  ، والأوزاعي ، وإسحاق ، وابن المنذر، وأصحاب الرأي .

وروي عن أحمد  ما يدل على أنه نجس . وهو قول الشافعي  ؛ لأنه ينمو من الحيوان ، فينجس بموته ، كأعضائه .

ولنا : .... أنه لا يحله الموت ، فلم ينجس بموت الحيوان ، كَبَيْضِه .

والدليل على أنه لا حياة فيه : أنه لا يحس ولا يألم ، وهما دليلا الحياة .

ولو انفصل في الحياة كان طاهرا ، ولو كانت فيه حياة ، لنجس بفصله ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( ما أبين من حي فهو ميت ) رواه أبو داود بمعناه .

وما ذكروه ينتقض بالبيض .

ويفارق الأعضاء ؛ فإن فيها حياة ، وتنجس بفصلها في حياة الحيوان .

والنمو بمجرده ليس بدليل الحياة، فإن الحشيش ينمو، ولا ينجس " انتهى من "المغني" (1/59) .

بل القول الراجح أن الشعر والصوف : طاهر من الحيوان كله ، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، قال :

" عظم الميتة ، وقرنها وظفرها ، وما هو من جنس ذلك : كالحافر ، ونحوه ، وشعرها ، وريشها ووبرها : ففي هذين النوعين للعلماء ثلاثة أقوال .

أحدها : نجاسة الجميع كقول الشافعي  في المشهور ، وذلك رواية عن أحمد  .

والثاني : إن العظام ونحوها نجسة ، والشعور ونحوها طاهرة ، وهذا هو المشهور من مذهب مالك  ، وأحمد  .

والثالث : إن الجميع طاهر : كقول أبي حنيفة  ، وهو قول في مذهب مالك  ، وأحمد  ، وهذا القول هو الصواب ؛ لأن الأصل فيها الطهارة ، ولا دليل على النجاسة .

وأيضا فإن هذه الأعيان هي من الطيبات ، ليست من الخبائث، فتدخل في آية التحليل ؛ وذلك لأنها لم تدخل فيما حرمه الله من الخبائث لا لفظا ، ولا معنى ، أما اللفظ فكقوله تعالى : ( حرمت عليكم الميتة ) لا يدخل فيها الشعور وما أشبهها .

وذلك لأن الميت ضد الحي ، والحياة نوعان : حياة الحيوان ، وحياة النبات .

فحياة الحيوان خاصتها الحس ، والحركة الإرادية ، وحياة النبات النمو والاغتذاء...

وإنما الميتة المحرمة : ما كان فيها الحس والحركة الإرادية .

وأما الشعر فإنه ينمو ، ويغتذي ، ويطول ، كالزرع ؛ والزرع ليس فيه حس ، ولا يتحرك بإرادة ، ولا تحله الحياة الحيوانية حتى يموت بمفارقتها ، ولا وجه لتنجيسه .

وأيضا : فلو كان الشعر جزءا من الحيوان ، لما أبيح أخذه في حال الحياة ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن قوم يجبون أسنمة الإبل ، وأليات الغنم فقال : ( ما أبين من البهيمة وهي حية ، فهو ميت ) رواه أبو داود ، وغيره ، وهذا متفق عليه بين العلماء ؛ فلو كان حكم الشعر حكم السنام والألية ، لما جاز قطعه في حال الحياة .
فلما اتفق العلماء على أن الشعر والصوف إذا جز من الحيوان كان حلالا طاهرا ، علم أنه ليس مثل اللحم " انتهى من " الفتاوى الكبرى " (1/267) .

والخلاصة :

يجوز لبس الأصواف المستوردة من بلاد الكفار ، ولو جهل الحيوان الذي أخذت منه ، أو جهلت حياته ، ولا يشرع تكلف السؤال عن مثل ذلك .

بل لو افترض أن هذه الملابس : دخل فيها شعر ، أو صوف من حيوان نجس ، لكانت جائزة الاستعمال ، طاهرة ، على القول الراجح . كما سبق بيانه في جواب السؤال (175729) .

والله أعلم .

أحكام اللباس
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب