الحمد لله.
أولا:
لا حرج في إنشاء هذا الصندوق، وهو من باب التعاون على الخير، ونفع المغترب في حال سفره النهائي.
وقد أثنى النبي صلى الله عليه وسلم على " الأشعريين " - وهم قوم من اليمن - كانوا إذا قلَّ طعامهم ، سفراً أو حضراً : اجتمعوا ، فجاء كل واحدٍ منهم بما يملك ، ثم تقاسموا ما يجمعونه بينهم .
فعن أبي موسى رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن الأشعريين إذا أرملوا في الغزو أو قل طعام عيالهم بالمدينة : جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحد ، ثم اقتسموه بينهم في إناء واحد بالسوية ، فهم مني وأنا منهم ) رواه البخاري ( 2384 ) ومسلم ( 2500).
قال النووي رحمه الله: "وفي هذا الحديث فضيلة الأشعريين وفضيلة الإيثار والمواساة وفضيلة خلط الأزواد في السفر وفضيلة جمعها في شيء عند قلتها في الحضر ثم يقسم " انتهى من " شرح مسلم " ( 16 / 62 ) .
وينظر: جواب السؤال رقم (154549) ورقم (94842).
ثانيا:
يجوز استثمار أموال هذا الصندوق أو بعضها، بحسب ما يراه القائمون على الصندوق.
ثالثا:
الأرباح الناشئة عن الاستثمار تضاف إلى الصندوق، أو توزع على المساهمين، بالطريقة التي يتراضى عليها المساهمون .
فلو تراضوا على توزيعها بالتساوي دون تمييز بين من شارك عند بدء الاستثمار، ومن شارك بعد ذلك، فلا حرج.
جاء في المعايير الشرعية ص 439 : "يجوز أن تشتمل اللوائح المعتمدة على التصرف في الفائض ، بما فيه المصلحة ، حسب اللوائح المعتمدة ، مثل تكوين الاحتياطيات، أو تخفيض الاشتراكات، أو التبرع به لجهات خيرية، أو توزيعه ، أو جزء منه على المشتركين ؛ على أن لا تستحق الشركة المديرة شيئاً من ذلك الفائض" انتهى.
وجاء فيها ص443: " في حال توزيع الفائض ، أو جزء منه ، على حملة الوثائق : يتم بإحدى الطرق الآتية، على أن يُنص على الطريقة المختارة منها في اللوائح، وهي:
التوزيع على حملة الوثائق بنسبة اشتراكهم ، دون تفرقةٍ بين من حصل على تعويضاتٍ ، ومن لم يحصل خلال الفترة المالية.
التوزيع على حملة الوثائق الذين لم يحصلوا على تعويضاتٍ أصلاً خلال الفترة المالية، دون من حصلوا على التعويضات.
ج) التوزيع على حملة الوثائق بعد حسم التعويضات المدفوعة لهم خلال الفترة المالية.
د) التوزيع بأي طريقةٍ أخرى تقرها هيئةُ الرقابة الشرعية للمؤسسة" انتهى.
رابعا:
يلزم استئذان المتبرعين في استثمار مال الصندوق ، أو النص على ذلك في لوائح الصندوق ، ونظامه العام الذي يعرفه المشتركون ؛ لأن اللجنة المشرفة وكيلة في التصرف، والوكيل يتقيد تصرفه بالإذن، فلا يستثمر المال إلا بإذن المتبرع.
قال ابن قدامة رحمه الله: " ولا يملك الوكيل من التصرف إلا ما يقتضيه إذن موكله، من جهة النطق، أو من جهة العرف؛ لأن تصرفه بالإذن، فاختص بما أذن فيه، والإذن يعرف بالنطق تارة، وبالعرف أخرى.
ولو وكل رجلا في التصرف في زمن مقيد، لم يملك التصرف قبله ولا بعده؛ لأنه لم يتناوله إذنه مطلقا ولا عرفا؛ لأنه قد يؤثر التصرف في زمن الحاجة إليه دون غيره" انتهى من المغني (5/ 95).
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "الوكيل يتصرف بالإذن من الموكل، وإذا كان يتصرف بالإذن من الموكل ، فإنه يجب ألا يتعدى ما وكل فيه لا بصفة العقد، ولا بالمعقود له .
فإذا قال: وكلتك أن تبيع هذا العبد على فلان، فعندنا الآن تعيين في المبيع ، وتعيين في المشتري، فهل يملك الوكيل أن يبيع عبدا آخر من عبيد الموكل؟
الجواب: لا؛ لأنه خص بمعين .
وهل يملك أن يبيع العبد المعين على شخص غير زيد؟
الجواب: لا؛ لأنه يتصرف بالإذن فوجب أن يكون تصرفه بحسب ما أذن له فيه.
فالقاعدة أن الوكيل يتصرف بالإذن، فوجب أن يكون تصرفه بحسب ما أذن له فيه ولا يتعداه، إما لفظا وإما عرفا" انتهى من الشرح الممتع (9/ 351).
والله أعلم.