الحمد لله.
من أعطي مالا زكاة أو صدقة ليوزعها على المستحقين، فهو أمانة بيده، ولا يجوز أن يأخذ منه على نية رده؛ لأن ذلك اقتراض من المال، ولا يؤذن له فيه إلا بإذن الدافع؛ لأنه وكيل مؤتمن، والوكيل يتقيد تصرفه بالإذن، فليس له أن يقترض منه لنفسه، ولا أن يقرضه غيره إلا بإذن دافعه، وإلا كان متعديا خائنا للأمانة.
قال ابن قدامة رحمه الله: " ولا يملك الوكيل من التصرف إلا ما يقتضيه إذن موكله، من جهة النطق، أو من جهة العرف؛ لأن تصرفه بالإذن، فاختص بما أذن فيه .
والإذن يعرف بالنطق تارة وبالعرف أخرى.
ولو وكل رجلا في التصرف في زمن مقيد، لم يملك التصرف قبله ولا بعده؛ لأنه لم يتناوله إذنه مطلقا ولا عرفا؛ لأنه قد يؤثر التصرف في زمن الحاجة إليه دون غيره" انتهى من المغني (5/ 95).
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " الإنسان إذا أعطي دراهم على أنها أمانة عنده يعني وديعة فإنه لا يحل له أن يتصرف فيها بشيء ، فلا يحل له أن يدخلها في صندوق المعرض ، ولا يحل له أن يتصرف فيها لنفسه ، فإن فعل ذلك فهو خائن واقع في قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) مخالف لقوله تعالى : (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا)" انتهى من فتاوى نور على الدرب (16/ 2).
وسئل الدكتور يوسف الشبيلي حفظه الله عن الأخذ من مال التبرع أو الصدقة إذا ضمن إرجاعه، فأجاب: " إذا كان مؤتمنا على أن يوصلها إلى الفقراء أو المستحقين : فلا يجوز له بأي حال من الأحوال أن يستخدمها لخاصة لنفسه ؛ حتى إن كان يقول: أنا أضمنها، أو كان مضطرا، إلا أن يستأذن المنفق، فإن أذن له فلا حرج" انتهى:
https://www.youtube.com/watch?v=t1k_ALj08UE
والحاصل :
أنه يجب عليك الحرص على حفظ الأمانة كما تسلمتها من صاحبها ، وأدائها في الوجه الذي أذن لك فيه ، وعدم التصرف فيها بغير ذلك .
فإن كان ذلك قد حدث منك ، وانقضى : فنرجو أن يعفو الله عنك في ذلك ، وألا يكون عليك حرج ، إذا كنت متأولا ، تظن ذلك مباحا لك .
وفيما تستقبل من أمرك : فلا تتصرف في الأمانة ، إلا في حدود ما أذن لك فيها ، أو تستأذن صاحبها .
والله أعلم.