الحمد لله.
الأصل في صناعة المجسمات لغير ذوات الأرواح: الجواز، ما لم يفض ذلك إلى محذور شرعي، كأن يكون المجسم لشيء معظم ، كالكعبة أو المسجد، ويكون في صناعة مجسم له تعريض له للامتهان، كدخول الخلاء به، فيمنع لأجل ذلك، أو أن يكون ذريعة لتبرك الجهال به، أو طوافهم حوله.
ولهذا صدر عن عدد من الهيئات العلمية تحريم صناعة مجسم للكعبة، كما سبق بيانه في جواب السؤال رقم (192043).
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة، المجموعة الثانية (1/ 323) حول عمل مجسمات للكعبة والقبة الخضراء على شكل " مداليات ".:
" لا يجوز تصنيع مجسم للكعبة المشرفة وللقبة التي على قبر النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا التجارة فيهما ؛ وذلك لأن صناعتهما والتجارة بهما ، وتداولهما : يفضي إلى محظورات يجب الحذر منها ، وسد كل باب يوصل إليها .
عبد العزيز بن عبد الله بن باز –عبد العزيز آل الشيخ –عبد الله بن غديان –صالح الفوزان –بكر أبو زيد" انتهى .
فإذا خلا الأمر من المحاذير، كما لو كان مجسم المسجد يوضع على طاولة ونحوها، فيصان عن الامتهان، وليس هو مما قد يتعلق به الجهال : فلا حرج حينئذ عملا بالأصل.
فإن كان في ذلك سرف وتبذير، مُنع؛ لأنا نهينا عن الإسراف والتبذير وإضاعة المال.
قال تعالى: (وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) الأنعام/141
وقال: (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا) الإسراء/26، 27
قال المناوي في "فيض القدير" (1/ 50): " والسرف صرف الشيء فيما ينبغي زائدا على ما ينبغي. والتبذير صرفه فيما لا ينبغي " انتهى.
وروى البخاري (2408) ومسلم (593) عَنِ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ: عُقُوقَ الأُمَّهَاتِ، وَوَأْدَ البَنَاتِ، وَمَنَعَ وَهَاتِ، وَكَرِهَ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةَ المَالِ).
والله أعلم.