الحمد لله.
أولا:
المفرد هو من نوى الحج وحده، فلا يأتي بعمرة قبل الحج .
فإذا قدم مكة طاف طواف القدوم ، وهو سنة في حقه ليس واجبا، وله أن يسعى بعده، فإن سعى أجزأه عن سعي الحج، ولا سعي عليه بعد ذلك ، في قول جمهور الفقهاء.
قال البهوتي في كشاف القناع (2/ 411): " (و) صفة (الإفراد: أن يحرم بالحج مفردا ، فإذا فرغ منه) أي: من الحج ( اعتمر عمرة الإسلام ، إن كانت باقية عليه) ؛ بأن لم يكن أتى به قبل" انتهى.
وفي الموسوعة الفقهية (29/ 121): " طواف القدوم:
ويسمى طواف القادم، وطواف الورود، وطواف التحية؛ لأنه شرع للقادم والوارد من غير مكة ، لتحية البيت، ويسمى أيضا طواف اللقاء، وأول عهد بالبيت .
وطواف القدوم سنة للآفاقي القادم إلى مكة ، عند الحنفية والشافعية والحنابلة ، تحية للبيت العتيق، لذلك يستحب البدء به دون تأخير" انتهى.
ثانيا:
إذا كنت قد طفت وسعيت، ولم تتحلل، فأنت باق على إفرادك، وحجك صحيح، ولا يضرك أنك نويت العمرة، فإن إدخال العمرة على الحج لا يؤثر شيئا ، عند جمهور الفقهاء .
قال في كشاف القناع (2/ 412): " (وإن أحرم بالحج ثم أدخل عليه العمرة لم يصح إحرامه بها) ؛ لأنه لم يرد به أثر ولم يستفد به فائدة بخلاف ما سبق (ولم يصر قارنا) ؛ لأنه لا يلزمه بالإحرام الثاني شيء" انتهى.
وإن كنت قد تحللت، أي قصرت شعرك أو حلقت، ولبست ثيابك، فهذه عمرة، ولا حرج في ذلك، فإن المفرد يستحب له أن يفسخ حجه إلى عمرة ما دام لم يسق الهدي، ثم يحرم بالحج في اليوم الثامن.
قال في كشاف القناع (2/ 415): " (ويسن لمن كان قارنا أو مفردا فسخ نيتهما بالحج وينويان) بإحرامهما ذلك (عمرة مفردة فإذا فرغا منها) أي: العمرة (وحلا أحرما بالحج ليصيرا متمتعين ما لم يكونا ساقا هديا) ؛ لأنه صح أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه الذين أفردوا الحج وقرنوا أن يحلوا كلهم ويجعلوها عمرة إلا من كان معه هدي متفق عليه" انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " تحويل الحج إلى عمرة ليصير الإنسان متمتعاً، سنة مؤكدة، إما وجوباً وإما تأكيداً، والصحيح أن فسخ الحج إلى عمرة ليس بواجب لكنه مؤكد" انتهى من الشرح الممتع (10/ 315).
ودليل الفسخ: ما روى مسلم (1218) في حديث جابر بن عبد الله رضي الله في صفة حج رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "حَتَّى إِذَا كَانَ آخِرُ طَوَافِهِ عَلَى الْمَرْوَةِ، فَقَالَ: (لَوْ أَنِّي اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ لَمْ أَسُقِ الْهَدْيَ، وَجَعَلْتُهَا عُمْرَةً، فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ لَيْسَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَحِلَّ، وَلْيَجْعَلْهَا عُمْرَةً)، فَقَامَ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلِعَامِنَا هَذَا أَمْ لِأَبَدٍ؟ فَشَبَّكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصَابِعَهُ وَاحِدَةً فِي الْأُخْرَى، وَقَالَ: (دَخَلَتِ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ) مَرَّتَيْنِ (لَا بَلْ لِأَبَدِ أَبَدٍ)".
وتبين بهذا أن حجك صحيح في الحالتين، لكن في الأولى تكون مفردا، وفي الثانية تكون متمتعا ويلزمك هدي التمتع.
والله أعلم.