الحمد لله.
هذه القصة لا أصل لها ، على ركاكة لفظها ، وفساد معناها .
وقد ذكرت في موقع "الدرر السنية" ، تحت مبحث "أحاديث منتشرة لا تصح" ؛ وذكروا أنه : حديث أنه لا وجود له في كتب السُّنة .
ولا يُعلم عن الصحابة رضي الله عنهم أن أحدا منهم كان يمر بصاحبه ولا يسلم عليه .
بل صح عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: " إِذَا لَقِيَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَإِنْ حَالَتْ بَيْنَهُمَا شَجَرَةٌ أَوْ جِدَارٌ، أَوْ حَجَرٌ ثُمَّ لَقِيَهُ فَلْيُسَلِّمْ عَلَيْهِ أَيْضًا " رواه أبو داود (5200) موقوفا ، ثم رواه مرفوعا ، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" مرفوعا وموقوفا .
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ : " أَنَّ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانُوا يَكُونُونَ مُجْتَمِعِينَ فَتَسْتَقْبِلُهُمُ الشَّجَرَةُ، فَتَنْطَلِقُ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ عَنْ يَمِينِهَا وَطَائِفَةٌ عَنْ شِمَالِهَا، فَإِذَا الْتَقَوْا سَلَّمَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ "رواه البخاري في "الأدب المفرد" (1011)، وصححه الألباني في "صحيح الأدب المفرد".
بل التسليم على المسلم : حق له على أخيه :
فقد روى مسلم في "صحيحه" (2162) : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتٌّ قِيلَ: مَا هُنَّ يَا رَسُولَ اللهِ؟، قَالَ: إِذَا لَقِيتَهُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، وَإِذَا دَعَاكَ فَأَجِبْهُ، وَإِذَا اسْتَنْصَحَكَ فَانْصَحْ لَهُ، وَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللهَ فَسَمِّتْهُ، وَإِذَا مَرِضَ فَعُدْهُ وَإِذَا مَاتَ فَاتَّبِعْهُ .
فكيف يترك ذلك الحق ، وهذا الأدب الجليل ، لأجل ما ذكر من هذا الكلام السمج ؟!
وقد سبق في جواب السؤال رقم : (132011) أن الإيثار بالقرب على نوعين :
النوع الأول : القرب الواجبة : فهذه لا يجوز الإيثار بها.
النوع الثاني: الإيثار بالمستحب، فالأصل فيه أنه لا ينبغي ، بل صرح بعض العلماء بالكراهة ، لكن الصحيح أن الأولى عدم الإيثار ، وإذا اقتضت المصلحة أن يؤثر فلا بأس .
وإذا كان ثبت عند علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من بدأ أخاه بالسلام فله بيت في الجنة فكيف يؤثر بذلك غيره على نفسه ، ويتأخر عن هذا الفضل، والصحابة أولى الناس بالمسارعة في الخيرات والتنافس عليها ؟
والله أعلم .