خدع الزوجة الثانية وأخبرها أن زواج الأولى على الورق فقط فهل لها الفسخ أو الطلاق؟

11-06-2018

السؤال 288083

أنا متزوجة منذ 8 سنوات ، وبعد 5 سنوات من زواجى أي منذ 3 سنين زوجى طلب منى أن يتزوج الثانية ، وأنا وافقت ؛ لأن هذا شرع الله ، ولكن زوجى قال لزوجته الثانية : إننى أنا زوجته على الورق فقط ، وهى صدقته ، وأنا كذب عليَّ ، وقال لى : زوجتى تريد منك تسجيلا صوتيا أنك زوجتي على الورق ؛ حتى تطمئن أمها ، ولكنها موافقة على أنك موجودة ، وزوجة أولى ، ولكن تطلب منك هذا الطلب أمها ، وأنا صدقته ، وأرسلت التسجيل ، وأعرف أنى أخطأت فى ذلك ، ولكنه كذب عليَّ ، وبعد سنتين أنا طلبته أن هذا كثير ، وأنا أريد حقى ؛ لأنه كان لا يأتي إلي بيتى أبدا ، فهي كانت تمنعه تماما ، وأنا صبرت حتى يقنعها ؛ ولكني تعبت ، فطلبت حقى ، ولكن الآن سنة ، ونحن فى مشاكل ، هى ترفض وجودى فى حياته ، وتقول : إن كنت تريد أن تذهب لزوجتك الأولى فطلقني ، وأنا ـ يعلم الله ، وهو شاهد ـ علي كلمتها بكل الكلام الطيب ، وترجيتها أن تهدأ ، ونكمل حياتنا ـ ولكنها تعاملني بسوء ، وتتهمني بأشياء كاذبة ، وزوجي يعيش معها خارج مصر ، وأنا فى مصر ، وزوجى يقول لى : إصبري حتى أقنعها ، وترضى ، ولكنى تعبت لوحدى ، فنحن الآن سنتان حتى تقتنع هي ، وهي ترفضني تماما ، وتطلب إما طلاقي أو طلاقها ، وهى لديها ولدان ، وأنا أيضا لدى من زوجى ولد وبنت ، فماذا افعل ؟ هل أطلب الطلاق حتى ترتاح هي ؟ أو هل أنا الذى ظلمتها ، أم هي من تظلمني ؟ وهل ذنب أولادها فى رقبتى أنا ؟ والآن زوجى يقول : سوف أعدل ، ولكنها ترفض ، فهل إذا أصرت وطلبت الطلاق من زوجى ، فهل ذنبها فى رقبة زوجى ؟ وهل ذنب أولادها فى رقبة زوجي ، وهو بذلك ظلم أولاده ، فهى مصممة على الطلاق إذا قام بالعدل بيننا ؟ وماذا أفعل أنا حتى لا أكون ظلمت أحدا ؟ وماذا يفعل زوجى ليقوم بتصيح خطأه ولا يظلم أحدا ؟ فهو يشعر بالذنب ، ولكنها مصممة ، أرجو أن تساعدونا بالحل الذى يرضى الله تعالى .

الجواب

الحمد لله.


أولا:
ما قام به زوجك من الكذب وخداع الزوجة الثانية وإخبارها أنك زوجة على الورق فقط : عمل محرم .

ولهذه الزوجة حق الفسخ إذا تبين أن له زوجة تشاركها في القسم ؛ لأن تأكيدها على كون الزواج على الورق ، هو بمنزلة اشتراطها ألا يتزوج عليها، وهو شرط صحيح يبيح لها طلب الفسخ.

قال ابن قدامة رحمه الله : " وجملة ذلك أن الشروط في النكاح تنقسم أقساما ثلاثة :

أحدها ما يلزم الوفاء به , وهو ما يعود إليها نفعه وفائدته ، مثل أن يشترط لها أن لا يخرجها من دارها أو بلدها أو لا يسافر بها ، أو لا يتزوج عليها ، ولا يتسرى عليها ؛ فهذا يلزمه الوفاء لها به ، فإن لم يفعل فلها فسخ النكاح .

يروى هذا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وسعد بن أبي وقاص ، ومعاوية وعمرو بن العاص رضي الله عنهم وبه قال شريح ، وعمر بن عبد العزيز ، وجابر بن زيد ، وطاوس , والأوزاعي ، وإسحاق" انتهى من "المغني" (9/ 483).

ثانيا:
إذا كان الرجل يعلم من نفسه عدم القدرة على العدل بين زوجاته : فإنه يحرم عليه التعدد ، لقول الله تعالى :  فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ   النساء/3 .

فأمر الله تعالى من خاف أن لا يعدل : أن يقتصر على زوجة واحدة .

ويلزم الزوج العدل بين زوجاته، ويحرم عليه الميل لإحداهن؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:  من كان له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل  رواه أبو داود (2133) ، والنسائي (3942) ، والترمذي (1141) ، وابن ماجه (1969).

فإذا لم يعدل ويعطك حقك : كان آثما، ولا عذر له في كونه يريد إقناع الأخرى، بل يعدل، ويسعى في الإقناع ما استطاع.

ثالثا:
يحرم على المرأة سؤال الطلاق إلا من عذر؛ لما روى أبو داود (2226) ، والترمذي (1187) ، وابن ماجه (2055) عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :   أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا طَلَاقًا فِي غَيْرِ مَا بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّة   والحديث صححه الألباني في "صحيح أبي داود" .

والبأس : الشدة، كأن تتضرر بتركه لها، أو بسوء معاملته، أو بظلمه لها ، وعدم عدله في القسم والمعاملة .

وينظر: جواب السؤال رقم : (186325) .

وعليه ؛ فللمتضررة منكما أن تطلب الطلاق .

لكن لتعلم المرأة أن في الصبر على ما تكره من أمر زوجها : خيرا، مراعاة للأولاد، وانتظارا للفرج من الله تعالى.

رابعا:
 لا يجوز للمرأة أن تطلب من زوجها طلاق زوجته الثانية؛ لقوله صلى الله عليه وسلم :  لا يحل لامرأة أن تسأل طلاق أختها لتستفرغ صحفتها ؛ ولتنكح ، فإنما لها ما قدر لها  رواه البخاري ( 5144 ) – واللفظ له – ، ومسلم ( 1413 ) .

وفي لفظ :  أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن تشترط المرأة طلاق أختها  رواه البخاري ( 2577 ) .

وبوّب له البخاري رحمه الله : باب ما لا يجوز من الشروط في النكاح.

فلتطالبي بحقك دون إشارة إلى طلاق الزوجة الأخرى.

وأما الزوجة الأخرى فليس لها إلا أن ترضى بالواقع ، وتعين زوجها على العدل، أو تطلب الفسخ أو الطلاق ؛ والعقل السليم ، والرأي النصيح لها أن تصبر ، وتراعي مصلحة أولادها ؛ فزوج من عود ، خير من قعود ، كما تقول العرب ، وتفكك الأسرة ، وتربية الأبناء بعيدا عن أبيهم : ليس بالأمر الهين ، لا سيما في مثل هذا الزمان .

 
وإذا حصل الطلاق، وتضرر أولادك أو أولاد ضرتك، فإثم ذلك على أبيهم ؛ لما اقترفه من الكذب والخداع ؛ ولا إثم عليك فيما يكون من أمر الأولاد .

والله أعلم.
 

تعدد الزوجات والعدل بينهن
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب