ما هي الشجاعة في الإسلام ؟ وكيف يكون المرء شجاعا ؟
الحمد لله.
أولا :
الشَّجاعةُ لغة: شِدّةُ القَلْبِ فِي البأْس، وقد شَجُعَ، شَجاعةً: اشْتَدَّ عِنْدَ البَأْسِ.
ورجلٌ شجاعٌ، وَامْرَأَة شُجاعة، ونسوة شجاعات، وَقوم شُجعاء وشُجْعان وشَجْعة.
"تهذيب اللغة" (1/ 214) ، "لسان العرب" (8/ 173).
وقال ابن فارس رحمه الله:
" الشِّينُ وَالْجِيمُ وَالْعَيْنُ أَصْلٌ وَاحِدٌ، يَدُلُّ عَلَى جُرْأَةٍ وَإِقْدَامٍ " انتهى من"مقاييس اللغة" (3/ 247).
ثانيا :
الشجاعة اصطلاحا:
ثبات الْقلب عِنْد النَّوَازِل، واستقراره عِنْد المخاوف، قال ابن القيم رحمه الله:
" كثير من النَّاس تشتبه عَلَيْهِ الشجَاعَة بِالْقُوَّةِ ، وهما متغايران، فَإِن الشجَاعَة هِيَ ثبات الْقلب عِنْد النَّوَازِل وَإِن كَانَ ضَعِيف الْبَطْش.
وَكَانَ الصّديق رَضِي الله عَنهُ أَشْجَع الْأمة بعد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَكَانَ عمر وَغَيره أقوى مِنْهُ، وَلَكِن برز على الصَّحَابَة كلهم بثبات قلبه فِي كل موطن من المواطن الَّتِي تزلزل الْجبَال، وَهُوَ فِي ذَلِك ثَابت الْقلب، رابط الجأش، يلوذ بِهِ شجعان الصَّحَابَة وأبطالهم، فيُثَبِّتهم ويشجعهم " انتهى من "الفروسية" (ص 500) .
وقال أيضا :
" الشجَاعَة من الْقلب ، وَهِي ثباته واستقراره عِنْد المخاوف .
وَهُوَ خلق يتَوَلَّد من الصَّبْر وَحسن الظَّن، فَإِنَّهُ مَتى ظن الظفر ، وساعده الصَّبْر : ثَبت .
كَمَا أَن الْجُبْن يتَوَلَّد من سوء الظَّن وَعدم الصَّبْر، فَلَا يظنّ الظفر، وَلَا يساعده الصَّبْر .
وأصل الْجُبْن من سوء الظَّن ، ووسوسة النَّفس بالسوء ... " انتهى من "الروح" (ص 236) .
وقال ابن حزم رحمه الله:
" حد الشجاعة: بذل النفس للموت عن الدين والحريم، وعن الجار المضطهد، وعن المستجير المظلوم، وعن الهضيمة ظلما في المال والعرض، وفي سائر سبل الحق، سواء قل من يعارض أو كثر .
والتقصير عما ذكرنا : جُبن وخور .
وبذلها في عَرَض الدنيا : تهور وحمق .
وأحمق من ذلك : من بذلها في المنع عن الحقوق الواجبات، قِبِلك ، أو قِبَل غيرك " .
انتهى من"الأخلاق والسير" (ص 32).
ثالثا :
كان رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أشجع الناس ، كما روى البخاري (2908) ، ومسلم (2307) عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: " كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْسَنَ النَّاسِ، وَأَشْجَعَ النَّاسِ، وَلَقَدْ فَزِعَ أَهْلُ المَدِينَةِ لَيْلَةً، فَخَرَجُوا نَحْوَ الصَّوْتِ، فَاسْتَقْبَلَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ اسْتَبْرَأَ الخَبَرَ، وَهُوَ عَلَى فَرَسٍ لِأَبِي طَلْحَةَ عُرْيٍ، وَفِي عُنُقِهِ السَّيْفُ، وَهُوَ يَقُولُ: لَمْ تُرَاعُوا، لَمْ تُرَاعُوا " .
رابعا:
عوامل التخلق بالشجاعة كثيرة ، نذكر منها:
-قوة الإيمان والثبات عليه.
-النظر في سير أهل الشجاعة والبسالة من أبطال الإسلام.
-الجرأة في قول الحق والصدع به.
-الجرأة في إنكار المنكر والنهي عنه.
-تملك زمام النفس، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ، إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الغَضَبِ .
رواه البخاري (6114) ، ومسلم (2609).
قال ابن الأثير في "النهاية" (3/ 23):
" الصُّرَعَة: المُبَالِغُ في الصِّرَاع الذي لَا يُغْلَبُ، فنقَلَهُ إِلَى الَّذِي يَغْلِبُ نفْسَه عِنْدَ الغَضَب ويَقْهَرُهَا، فَإِنّه إِذَا مَلَكَها ، كَانَ َقد قَهَرَ أَقْوَى أعْدَائِهِ وشَرَّ خُصُومه " انتهى .
-تعظيم الأوامر الشرعية .
-تعظيم حرمات الله
-الإقدام في مواطن الإقدام.
-نصرة المظلوم، والسعي في رفع الظلم عنه.
والله تعالى أعلم.