أريد شرحا مبسطا لحديث : (عليكن بهذا العود الهندي ، فإن فيه سبعة أشفية) الحديث موجود بصحيح البخاري ، وأريد أن أعرف فوائده ، وأين ممكن أن أجده .
الحمد لله.
روى البخاري (5692) ، ومسلم (2214) عَنْ أُمِّ قَيْسٍ بِنْتِ مِحْصَنٍ، قَالَتْ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: عَلَيْكُمْ بِهَذَا العُودِ الهِنْدِيِّ، فَإِنَّ فِيهِ سَبْعَةَ أَشْفِيَةٍ: يُسْتَعَطُ بِهِ مِنَ العُذْرَةِ، وَيُلَدُّ بِهِ مِنْ ذَاتِ الجَنْبِ .
قَالَ ابْنُ حَجَرٍ رَحِمَهُ اللهُ : " كَذَا وَقَعَ الِاقْتِصَارُ فِي الْحَدِيثِ مِنَ السَّبْعَةِ عَلَى اثْنَيْنِ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ ذَكَرَ السَّبْعَةَ، فَاخْتَصَرَهُ الرَّاوِي، أَوِ اقْتَصَرَ عَلَى الِاثْنَيْنِ؛ لِوُجُودِهِمَا -حِينَئِذٍ- دُونَ غَيْرِهِمَا .
وَقَدْ ذَكَرَ الْأَطِبَّاءُ مِنْ مَنَافِعِ الْقُسْطِ : أَنَّهُ يُدِرُّ الطَّمْثَ وَالْبَوْلَ وَيَقْتُلُ دِيدَانَ الْأَمْعَاءِ وَيَدْفَعُ السُّمَّ وَحُمَّى الرِّبْعِ وَالْوِرْدِ وَيُسَخِّنُ الْمَعِدَةَ وَيُحَرِّكُ شَهْوَةَ الْجِمَاعِ وَيُذْهِبُ الْكَلَفَ طِلَاءً، فَذَكَرُوا أَكْثَرَ مِنْ سَبْعَةٍ، وَأَجَابَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ: بِأَنَّ السَّبْعَةَ عُلِمَتْ بِالْوَحْيِ ، وَمَا زَادَ عَلَيْهَا بِالتَّجْرِبَةِ ، فَاقْتَصَرَ عَلَى مَا هُوَ بِالْوَحْيِ لِتَحَقُّقِهِ، وَقِيلَ: ذَكَرَ مَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ دُونَ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يُبْعَثْ بِتَفَاصِيلِ ذَلِكَ .
قُلْتُ: ويحتمل أَنْ تَكُونَ السَّبْعَةُ : أُصُولَ صِفَةَ التَّدَاوِي بِهَا، لِأَنَّهَا إِمَّا طِلَاءٌ أَوْ شُرْبٌ أَوْ تَكْمِيدٌ أَوْ تَنْطِيلٌ أَوْ تَبْخِيرٌ أَوْ سَعُوطٌ أَوْ لَدُودٌ، فَالطِّلَاءُ يَدْخُلُ فِي الْمَرَاهِمِ وَيُحَلَّى بِالزَّيْتِ وَيُلَطَّخُ وَكَذَا التَّكْمِيدُ، وَالشُّرْبُ يُسْحَقُ وَيُجْعَلُ فِي عَسَلٍ أَوْ مَاءٍ أَوْ غَيْرِهِمَا، وَكَذَا التَّنْطِيلُ، وَالسَّعُوطُ يُسْحَقُ فِي زَيْتٍ وَيُقْطَرُ فِي الْأَنْفِ، وَكَذَا الدُّهْنُ وَالتَّبْخِيرُ وَاضِحٌ، وَتَحْتَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنَ السَّبْعَةِ مَنَافِعُ لِأَدْوَاءٍ مُخْتَلِفَةٍ، وَلَا يُسْتَغْرَبُ ذَلِكَ مِمَّنْ أُوتِيَ جَوَامِعَ الْكَلِمِ .
وَأَمَّا الْعُذْرَةُ فَهِيَ وَجَعٌ فِي الْحَلْقِ يَعْتَرِي الصِّبْيَانَ غَالِبًا، وَقِيلَ هِيَ قُرْحَةٌ تَخْرُجُ بَيْنَ الْأُذُنِ وَالْحَلْقِ أَوْ فِي الْخُرْمِ الَّذِي بَيْنَ الْأَنْفِ وَالْحَلْقِ " انتهى من "فتح الباري" (10/149).
وذَات الْجنب : قرحة تصيب الْإِنْسَان فِي دَاخل جنبه ، وَفِي الطِّبّ الحَدِيث: التهاب فِي الغشاء الْمُحِيط بالرئة.
"المعجم الوسيط" (1/ 138)
وَقِيلَ الْمُرَادُ بِهِ: وَجَعُ الْكلْيَتَيْنِ، وَقِيلَ: مَرَضُ السّلِّ.
ونبات القسط هذا، نبات يعيش في الهند وخاصة في كشمير وفي الصين وتستعمل قشور جذوره التي قد تكون بيضاء أو سوداء، وكان التجار العرب يجلبونها إلى الجزيرة العربية عن طريق البحر لذا سميت القسط البحري، كما كان يسمى بالقسط الهندي.
وقد يدعى الأبيض بالقسط البحري والأسود بالهندي ، كما ورد في السنة باسم العود الهندي كمترادفات .
إلا أنه ، من غير شك : غير العود الهندي الذي يتخذ في البخور ، وله نفس الاسم ؛ مع أنهما نباتان مختلفان.
وقال ابن القيم رحمه الله :
" الْقُسْطُ نَوْعَانِ، أَحَدُهُمَا: الْأَبْيَضُ الَّذِي يُقَالُ لَهُ: الْبَحْرِيُّ، وَالْآخَرُ الْهِنْدِيُّ، وَهُوَ أَشَدُّهُمَا حَرًّا، وَالْأَبْيَضُ أَلْيَنُهُمَا، وَمَنَافِعُهُمَا كَثِيرَةٌ جِدًّا.
وَهُمَا يُنَشِّفَانِ الْبَلْغَمَ، قَاطِعَانِ لِلزُّكَامِ، وَإِذَا شُرِبَا نَفَعَا مِنْ ضَعْفِ الْكَبِدِ وَالْمَعِدَةِ وَمِنْ بَرْدِهِمَا، وَمِنْ حُمَّى الدَّوْرِ وَالرِّبْعِ، وَقَطَعَا وَجَعَ الْجَنْبِ، وَنَفَعَا مِنَ السُّمُومِ، وَإِذَا طُلِيَ بِهِ الْوَجْهُ مَعْجُونًا بِالْمَاءِ وَالْعَسَلِ، قَلَعَ الْكَلَفَ، وَقَالَ جالينوس: يَنْفَعُ مِنَ الْكُزَازِ، وَوَجَعِ الْجَنْبَيْنِ، وَيَقْتُلُ حَبَّ الْقَرَعِ.
وَقَدْ خَفِيَ عَلَى جُهَّالِ الْأَطِبَّاءِ نَفْعُهُ مِنْ وَجَعِ ذَاتِ الْجَنْبِ، فَأَنْكَرُوهُ ، وَلَوْ ظَفِرَ هَذَا الْجَاهِلُ بِهَذَا النَّقْلِ عَنْ جَالِينُوسَ لنزله مَنْزِلَةَ النَّصِّ، كَيْفَ وَقَدْ نَصَّ كَثِيرٌ مِنَ الْأَطِبَّاءِ الْمُتَقَدِّمِينَ عَلَى أَنَّ الْقُسْطَ يَصْلُحُ لِلنَّوْعِ الْبَلْغَمِيِّ مِنْ ذَاتِ الْجَنْبِ، ذَكَرَهُ الخطابي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْجَهْمِ " .
انتهى من "زاد المعاد" (4/ 354) .
وينظر للفائدة : جواب السؤال رقم : (290240) .
والله تعالى أعلم .