الحمد لله.
يصح الوقف على الذرية، بأن يقف على أولاده، أو أولاده ثم أولادهم.
ومن وقف على أولاده لم يدخل فيهم أولاد البنات.
قال في "زاد المستقنع" : " وَإِنْ وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ أَوْ وَلَدِ غَيْرِهِ ثُمَّ عَلَى المَسَاكِينِ فَهُوَ لِوَلَدِهِ، الذُّكُورِ وَالإِنَاثِ بِالسَّوِيَّةِ، ثُمَّ وَلَدِ بَنِيهِ، دُونَ بَنَاتِهِ كَمَا لَوْ قَالَ عَلَى وَلَدِ وَلَدِهِ، وَذُرِّيَّتِهِ لِصُلْبِهِ".
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " قوله: دون بناته، أي: دون ولد بناته، فإن أولاد البنات لا يدخلون في الولد، فإذا قال: هذا وقف على أولادي، وله ثلاثة ذكور وبنت، ومات هؤلاء الأربعة، الذكور والبنت، وخلفوا أبناءً، فيستحقه أولاد البنين، وأما أولاد البنت فليس لهم حق.
ودليل ذلك في القرآن الكريم، قال الله تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ [النساء: 11] .
وأجمع العلماء على أن أولاد البنات لا يدخلون في الأولاد؛ لأن أولاد البنات من ذوي الأرحام وليسوا من أولاده .
فكذلك إذا قال: وقف على أولادي، وكان له أولاد أبناء وأولاد بنات، فأولاد البنات لا يستحقون شيئاً؛ لأنهم لا يدخلون في اسم الأولاد ، وهو في القرآن ظاهر، وكذلك هو مقتضى العرف واللغة، يقول الشاعر:
بنونا بنو أبنائِنا وبناتُنا *** بنوهن أبناءُ الرجالِ الأباعدِ
وحتى في العاقلة ـ مثلاً ـ أي: عند تحمل الدية ـ فإن أولاد البنات لا يتحملون، وحتى في ولاية النكاح، أولاد البنات ليس لهم ولاية .
وعلى هذا فنقول: أولاد البنات لا يدخلون في الوقف على الأولاد، والدليل من القرآن ومن اللغة" انتهى من "الشرح الممتع" (11/ 44).
وهذا إذا أطلق الواقف التعبير ، فقال: على أولادي وأولادهم أو ثم أولادهم.
وأما إذا صرح بأن أولاد البنات لا يدخلون، فقد زاد الأمر وضوحا وبيانا، بحيث يقطع الخلاف.
واعلم أن الحنابلة الذي يوجبون العدل في العطية والهبة- خلافا للجمهور- لا يوجبون ذلك في الوقف، حتى لو كان الوقف على أولاده المباشرين، بل يستحبون ذلك فقط.
قال في "دليل الطالب" ، ص191: "ويكره هنا أن يفضل بعض أولاده على بعض لغير سبب، والسنة ألا يزاد ذكر على أنثى" انتهى.
والحاصل :
أن الوقف المذكور صحيح، وما دام قد اعتمده القاضي ، فمن كان عنده إشكال فيه ، فليرجع إلى القاضي الذي اعتمده، أو إلى المحكمة الشرعية .
والله أعلم.