الحمد لله.
ذكر اسم الله عند المعصية فيه تفصيل:
1-فإن أراد الاستهزاء والاستخفاف، فهذا كفر. وهو بيّنٌ لا يحتاج إلى تدليل.
2-وإن لم يقصد الاستهزاء والاستخفاف، فإنه لا يكفر، وإنما يكون قد أتى معصية.
قال الطحطاوي في حاشيته على "مراقي الفلاح"، ص5: "والإتيان بالبسملة عمل يصدر من المكلف، فلا بد أن يتصف بحكم, فتارة يكون فرضا كما عند الذبح... وتارة يكون واجبا، على القول بأنها آية من الفاتحة, وإن كان خلاف المذهب؛ لأن الأخبار الواردة فيها مع المواظبة تفيد الوجوب، وتارة يكون سنة كما في الوضوء, وأول كل أمر ذي بال، ومنه الأكل والجماع ونحوهما, وتارة يكون مباحا كما هي بين الفاتحة والسورة على الراجح, وفي ابتداء المشي والقعود مثلا؛ لأنها إنما تطلب لما فيه شرف، صونا عن اقتران اسمه تعالى بالمحقرات وتيسيرا على العبادة, فإن أتي بها في محقرات الأمور كلبس النعال على وجه التعظيم والتبرك فهو حسن.
وتارة يكون الإتيان بها حراما، كما عند الزنا ووطء الحائض وشرب الخمر وأكل مغصوب أو مسروق قبل الاستحلال أو أداء الضمان.
والصحيح: أنه إن استحل ذلك عند فعل المعصية، كفر، وإلا؛ لا. وتلزمه التوبة، إلا إذا كان على وجه الاستخفاف، فيكفر أيضا...
واعلم أن المستحل لا يكفر إلا إذا كان المحرم حراما لعينه، وثبتت حرمته بدليل قطعي، وإلا، فلا. صرح به في الدرر عن الفتاوي في آخر كتاب الحظر" انتهى.
وقال أبو بكر شطا الدمياطي الشافعي: "البسملة مطلوبة في كل أمر ذي بال - أي حال - يهتم به شرعا، بحيث لا يكون محرما لذاته ولا مكروها كذلك، ولا من سفاسف الأمور - أي محقراتها - فتحرم على المحرم لذاته كالزنا، لا لعارض كالوضوء بماء مغصوب.
وتكره على المكروه لذاته، كالنظر لفرج زوجته، لا لعارض، كأكل البصل.
ولا تطلب على سفاسف الأمور، ككنس زبل، صونا لاسمه تعالى عن اقترانه بالمحقرات.
والحاصل: أنها تعتريها الأحكام الخمسة: الوجوب، كما في الصلاة عندنا معاشر الشافعية - والاستحباب عينا، كما في الوضوء والغسل، وكفاية، كما في أكل الجماعة، وكما في جماع الزوجين، فتكفي تسمية أحدهما - كما قال الشمس الرملي إنه أي لظاهر - والتحريم في المحرم الذاتي، والكراهة في المكروه الذاتي، والإباحة في المباحات التي لا شرف فيها، كنقل متاع من مكان إلى آخر، كذا قيل" انتهى من إعانة الطالبين (1/ 9).
وقال في مطالب أولي النهى (1/ 93): " قال في شرح المحرر: تنقسم التسمية إلى أربعة أقسام: فتجب في نحو الوضوء والصيد، وتسن في نحو أكل وقراءة ومنسك وجماع ودخول نحو خلاء، وتارة لا تسن كما في أذان وصلاة ونحوهما، وتكره في المحرم والمكروه، لأن المقصود بالتسمية البركة، ولا تطلب فيهما لفوات محلها" انتهى.
3-وإن سمى ناسيا أو ذاهلا عن الفعل المحرم؛ لاعتياده التسمية، فلا شيء عليه؛ لقوله تعالى: رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا البقرة/286 قال الله: قَدْ فَعَلْتُ رواه مسلم (126).
وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم (118750).
والله أعلم.