انتشر مؤخرا صورة رجل نائم بالعراء على الرمال، وقد رسم دائرة حوله، وبوسط الدائرة عصا لكي يعرف الطريق الذي يريد الذهاب بإتجاهه، وأن رسولنا صلى الله عليه وسلم قد فعل هذا ونص المرافق مع الصوره كالتالي: عند المبيت بالعراء يرسم الرجل الدائرة، ويقرأ آية الكرسي وسورة الفلق والمعوذات؛ حتى لا تقترب العقارب والأفاعي، وهذه سنة فعلها رسولنا صلى الله عليه وسلم، أما العصى فلكي يعرف الاتجاه الذي يسلكه عندما يستيقظ؛ لأن الرمال تتحرك، وتتغير التضاريس، وتختفي آثار الأقدام "، فما هذا صحيح ؟
الحمد لله.
لم نقف على شيء من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم يشير إلى أنه كان يصنع مثل هذا ، رغم كثرة أسفاره صلى الله عليه وسلم.
وقد أرشد الرسول صلى الله عليه وسلم من نزل منزلا أن يستعيذ بكلمات الله حتى لا يضره شيء في منزله ذلك ، ولم يرشد إلى فعل هذا الخط .
روى مسلم (2708) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : مَنْ نَزَلَ مَنْزِلاً ثُمَّ قَالَ : أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ. لَمْ يَضُرُّهُ شَىْءٌ حَتَّى يَرْتَحِلَ مِنْ مَنْزِلِهِ ذَلِكَ .
وأما قراءة آية الكرسي والمعوذات فهي من الأذكار التي تقال عند النوم ، وهي سبب لحفظ الإنسان من الشيطان، ومن كل ما يؤذيه .
وأما رسم الدائرة فهو نوع من الشرك الأصغر ، لما فيه من إثبات سبب لحفظ العبد مما يضره ، ولم يثبت هذا السبب لا شرعا ولا حسا .
وينظر جواب السؤال رقم :(45559) .
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى:
" فإذا كانت هذه الأمور ليست من الأسباب الشرعية التي شرعها على لسان نبيه التي يتوسل بها إلى رضاء الله وثوابه، ولا من الأسباب القدرية التي قد علم أو جرب نفعها مثل الأدوية المباحة كان المتعلق بها متعلقا قلبه بها راجيا لنفعها، فيتعين على المؤمن تركها ليتم إيمانه وتوحيده؛ فإنه لو تم توحيده لم يتعلق قلبه بما ينافيه، وذلك أيضا نقص في العقل حيث التعلق بغير متعلق ولا نافع بوجه من الوجوه، بل هو ضرر محض.
والشرع مبناه على تكميل أديان الخلق بنبذ الوثنيات والتعلق بالمخلوقين، وعلى تكميل عقولهم بنبذ الخرافات والخزعبلات، والجد في الأمور النافعة المرقية للعقول، المزكية للنفوس، المصلحة للأحوال كلها دينيها ودنيويها والله أعلم " انتهى من"القول السديد / المجموعة الكاملة لمؤلفات السعدي" (10 / 19). يضاف هذا بأن إثبات الأسباب شرك .
وأما العصا : فهذه علامة حسية ، فإن كان يمكن بوضعها في مكان معينة ، أن تدل صاحبها على اتجاه سيره ، وكان له خبرة بذلك : لم يكن به بأس ؛ وإلا ، فالذي يظهر أنها أنه إنما يضعها بناء على خبر ظنه صحيحها ، وهو ليس كذلك ، أو ظن باطل عنده .
وقد روى البيهقي في شعب الإيمان (7395)، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَا تَغْتَسِلُوا فِي الصَّحْرَاءِ، إِلَّا أَنْ تَجِدُوا مُتَوَارًى، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مُتَوَارًى فَلْيَخُطَّ أَحَدُكُمْ خَطًّا كَالدَّائِرَةِ، ثُمَّ يُسَمِّي اللهَ ، وَيَغْتَسِلُ فِيهَا .
قال البيهقي بعد روايته : " هَذَا مُرْسَلٌ " .
وينظر أيضا : "السنن الكبرى" ـ ط التركي ـ (2/113) ، "تحفة الأشراف" (13/372).
ومع ضعف الخبر، فليس فيه أن ذلك كان عند النوم ، ولا أنه يحفظ من الحيات أو العقارب ، بل هذا خاص بالستر عن الغسل ، إذا لم يجد شيئا يستتر به .
وينظر أيضا للفائدة : جواب السؤال رقم : (181740)
وقد سئل الشيخ سليمان الماجد ، حفظه الله:
" .. يقول أحد الدعاة : إنه وأصحابه خرجوا للدعوة في أدغال أفريقيا ، وعند المساء أخذوا عصا وخطوا دائرة وهم يقرؤون آية الكرسي ، وفي آخر الليل سمعوا فحيح ثعبان يريد الخروج من الدائرة ؛ لأنه كان موجوداً قبل الخط ، فلم يستطع إلا بعدما مسحوا جزءاً من الدائرة فخرج الثعبان ؛ هل هذا الفعل من التميمة أم من التوكل على الله ؟ أفيدونا غفر الله لكم ." .
فأجاب:
" .. لا نرى فعل مثل هذه الأشياء ؛ لما فيها من قرب من السحر والدجل والشعوذة ، ونرى أن يكتفى بما فعله النبي صلى الله عليه وسلم عند السحر وهو الرقية بالمعوذات . والله أعلم." انتهى، من موقع الشيخ :
http://www.salmajed.com/fatwa/findnum.php?arno=8291
وللفائدة طالع جواب السؤال رقم : (82463) للاطلاع على بعض الأذكار المشروعة في دفع أذى هوام الأرض.
والله أعلم.