زوجتي مهندسة، عملت كمعلمة لمواد الهندسة لطلاب المعاهد والجامعات في بلدتها لمدة 15 سنة، ثم توقفت قبل الزواج، ولكي تأخذ معاش المعلمين إما أن تكمل 20 سنة عملا، أو يصل سنها 60 سنة، ولو أكملت 60 سنة بوضعها الحالي سيكون المعاش زهيدا، وقد لا تستحقه، وعمرها الآن 42 سنة، والحل للحصول على المعاش بكامل قيمته هو العمل لمدة 5 سنوات لتكمل 20 سنة عملا، بالانتداب إلى بلدتي بمسمى لم شمل الأسرة مع الزوج، وتدعي بأنها ستقضي مدة ال 5 سنوات في أخذ أجازات، وأنا غير مقتنع، فالإجازات لها حد، وبعدها يعتبر غيابا دون إذن، وقد تتعرض للفصل، وستضطر إلى الذهاب لتلافي ذلك، والانتداب سيكون لمدرسة تعليم صناعي للذكور، وأنا أرفض هذا الأمر من ناحية حكم عمل المرأة، وأن المدرسة سيئة السمعة في أخلاق الطلاب، ولحتمية خروجها واختلاطها بالرجال الزملاء والمدراء والطلاب وغيرهم، وهي تصر وتقول: إنني لو رفضت فسأضيع حقها عن عمل 15 سنة، وستكرهني، وإنني إذا طلقتها يوما ما فلن يكون لها مصدر دخل، فمعاش نقابة المهندسين ضيئل، ومعاش والدها المتوفى أيضا ضيئل، ويأخذه أخوها المريض، بل وتساومني على رغبتي في تعدد الزوجات، إن وافقت لها على العمل ستوافق لي على التعدد، ورفضها للتعدد أو خروجها للعمل قد يدفعاني إلى تطليقها إذا أصرت على أحدهما؛ لأننا تزوجنا وهي على علم تام بأني أرفض عمل المرأة، وأرغب في التعدد، وأنا لا أريد أن أكون سببا في ضياع حقها، كما لا أقبل خروجها للعمل عموما، ولهذا العمل خصوصا، ولا أن تحيل حياتي جحيما برفض التعدد بعد أن أوهمتني بموافقتها أكثر من مرة، آخرهم يوم عقد الزواج وقبل كتابته، عندما أكدت عليها الأمر، فما الحكم الشرعي في حالتها وموقفي؟ وما حكم المال الذي ستتقاضاه سواء أجر عمل ال 5 سنوات أو مكافأة النهاية أو المعاش ؟
الحمد لله.
إذا اشترطت المرأة العمل عند العقد، أو عُقد عليها وهي تعمل، مع دلالة العرف على أن الزواج لن يُقعدها عن العمل، فليس للزوج منعها منه؛ إلا أن يكون محرما أو يترتب عليه ترك ما هو واجب عليها، كرعاية أولادها.
وإذ لم تشترط ذلك ولم يعقد عليها وهي تعمل كما تقدم، فله منعها، ويلزمها طاعته؛ لعموم الأدلة الآمرة بطاعة الزوج.
قال في "مطالب أولي النهى" (3/ 611): "(ولا) تصح إجارة (امرأة ذات زوج بلا إذنه) ؛ لأن في ذلك تفويتا لحق الزوج في الاستمتاع؛ لاشتغالها عنه بما استؤجرت له، فلم يجز إلا بإذنه" انتهى.
وتدريس المرأة للرجال بلا حاجز، محرم، لما فيه من التعرض للفتنة لها وبها، لا سيما إذا كان للشباب في مدرسة سيئة السمعة.
ولهذا فللزوج منع زوجته منه ولو كانت اشترطت العمل في عقد زواجها.
وإذا أصرت على العمل وخرجت له كانت آثمة من جهتين: تحريم العمل، وعصيان الزوج.
وإذا كانت قد تركت العمل قبل الزواج، نهائيا، ولم يكن على سبيل الإجازة منه، كما يفهم من قول الزوج : ( ثم توقفت قبل الزواج ) ، ولم تشترطه عند العقد: فهذا أبعد لها من طلب العمل، وأدعى لزوجها أن يمنعها من العمل الذي لا يرغبه، ولو لم يكن ممنوعا في نفسه.
وأما كونها تريد العودة إلى العمل، والحصول على إجازة، فهذا أمر تسأل فيه أنت المختصين في الإدارة التي تتبعها، وهل بإمكانها ذلك، أو أنها لن تتمكن من الحصول على الإجازة في كامل المدة المتبقية، كما هو الظاهر، بل يلزمها أن تعمل مدة منها.
وأيا ما كان الأمر؛ فإن الحصول على المعاش لا يبيح الوقوع في الحرام، ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه.
وينبغي أن تحسن إلى زوجتك، وتجتهد في تطمين نفسها؛ فإن الحياة الزوجية لا تستقيم مع خوف المرأة من الطلاق، وإذا أمكن أن تجد لها عملا مباحا كتدريس الفتيات في بيتها، كان هذا علاجا نافعا، بحيث يمكنها جمع بعض المال، فيذهب قلقها وخوفها.
مع أن المرأة العاقلة ينبغي ألا تنغص عيشها بحمل هم الرزق فإن الله تعالى تكفل برزق عباده فقال: وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ هود/6 >
وقال: وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ (22) فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ الذاريات/22، 23
نسأل الله أن يصلح حالكما وبالكما.
والله أعلم.