هناك شبهة إنكار الصراط؛ بدعوى أن حديث الصراط والمشي عليه يخالف صريح القرآن، وبالتالي فهو مكذوب، ولقد استدلوا بهذه الشبهات، فأريد منكم الرد على الشبهات. الشبهات : الصراط يوجد قبل الحساب ففي هذه الحالة كل من استطاع المرور من الصراط سيذهب للجنة، وهنا يصبح الحساب لا فائدة منه. الثانية : الصراط يوجد بعد الحساب . أما من علموا أنهم من أهل الجنة، الله يقول لنا في تنزيله الحكيم أننا عنها مبعدون، قال تعالى (فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ) آل عمران الآية 185، وقال تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ (101) لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ )الأنبياء/101-102 . زيادة على هذا لو صدقنا وجود هذا الجسر وهناك أناس سيقعون منه، يجعلنا نناقض الصورة التي رسمها لنا القرآن الكريم، كلنا يعلم أن جهنم هي مأوى سيسكنه أهل النار، وليس خندقا قبل الجنة وأن لها أبوابا، قال تعالى : (ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ)غافر الآية 76، وقال تعالى:(وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ ) الزمر/71. ويطلب الله عز وجل من الملائكة أن يأخدوا أهل النار إلى جهنم ثم يسلسلوهم، قال تعالى : (خُذُوهُ فَغُلُّوهُ (30) ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ (31) ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ (32)) الحاقة/30-32.
الحمد لله.
الصراط: جسر ممدود على ظهر جهنم، والمرور عليه ثابت بالقرآن والسنة والإجماع.
قال تعالى: وَلَوْ نَشَاءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ يس/66.
وقال سبحانه: وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا (71) ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا مريم/71، 72.
وقد فسر النبي صلى الله عليه وسلم الورود بالمرور على الصراط.
روى الترمذي (3159) عَنْ السُّدِّيِّ، قَالَ: سَأَلْتُ مُرَّةَ الهَمْدَانِيَّ، عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا [مريم: 71] فَحَدَّثَنِي أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ، حَدَّثَهُمْ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَرِدُ النَّاسُ النَّارَ ثُمَّ يَصْدُرُونَ مِنْهَا بِأَعْمَالِهِمْ، فَأَوَّلُهُمْ كَلَمْحِ البَرْقِ، ثُمَّ كَالرِّيحِ، ثُمَّ كَحُضْرِ الفَرَسِ، ثُمَّ كَالرَّاكِبِ فِي رَحْلِهِ، ثُمَّ كَشَدِّ الرَّجُلِ، ثُمَّ كَمَشْيِهِ .
وفي حديث أبي سعيد الخدري المشهور في رؤية الله تعالى ، والذي أخرجه البخاري في "صحيحه" (7439) ، ومسلم في "صحيحه" (183) ، قال صلى الله عليه وسلم : ثُمَّ يُؤْتَى بِالْجَسْرِ فَيُجْعَلُ بَيْنَ ظَهْرَيْ جَهَنَّمَ "، قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَمَا الجَسْرُ؟ قَالَ: مَدْحَضَةٌ مَزِلَّةٌ ، عَلَيْهِ خَطَاطِيفُ وَكَلاَلِيبُ ، وَحَسَكَةٌ مُفَلْطَحَةٌ لَهَا شَوْكَةٌ عُقَيْفَاءُ ، تَكُونُ بِنَجْدٍ ، يُقَالُ لَهَا: السَّعْدَانُ ، المُؤْمِنُ عَلَيْهَا كَالطَّرْفِ وَكَالْبَرْقِ وَكَالرِّيحِ ، وَكَأَجَاوِيدِ الخَيْلِ وَالرِّكَابِ ، فَنَاجٍ مُسَلَّمٌ ، وَنَاجٍ مَخْدُوشٌ ، وَمَكْدُوسٌ فِي نَارِ جَهَنَّمَ ، حَتَّى يَمُرَّ آخِرُهُمْ يُسْحَبُ سَحْبًا .
قال السفاريني رحمه الله: "اتفقت الكلمة على إثبات الصراط في الجملة، لكن أهل الحق يثبتونه على ظاهره، من كونه جسرا ممدودا على متن جهنم، أحدّ من السيف وأدق من الشعر، وأنكر هذا الظاهر القاضي عبد الجبار المعتزلي، وكثير من أتباعه زعما منهم أنه لا يمكن عبوره، وإن أمكن ففيه تعذيب، ولا عذاب على المؤمنين والصلحاء يوم القيامة، وإنما المراد طريق الجنة المشار إليه بقوله تعالى: سيهديهم ويصلح بالهم [محمد: 5] ، وطريق النار المشار إليه بقوله تعالى: فاهدوهم إلى صراط الجحيم [الصافات: 23] .
ومنهم من حمله على الأدلة الواضحة والمباحات، والأعمال الرديئة، ليُسأل عنها ويؤاخذ بها.
وكل هذا باطل وخرافات؛ لوجود رد النصوص على حقائقها، وليس العبور على الصراط بأعجب من المشي على الماء أو الطيران في الهواء، والوقوف فيه.
وقد أجاب - صلى الله عليه وسلم - عن سؤال حشر الكافر على وجهه بأن القدرة صالحة لذلك" انتهى من "لوامع الأنوار البهية" (2/ 192).
وينظر للفائدة هذا البحث:
https://www.alukah.net/sharia/0/50322/
الصراط يكون بعد الحساب، كما يعلم ذلك من الأدلة.
قال شيخ الإسلام كما في "المستدرك على الفتاوى" (1/103) :" وحشرهم وحسابهم يكون قبل الصراط ؛ فإن الصراط عليه ينجون إلى الجنة ، ويسقط أهل النار فيها كما ثبت في الأحاديث " انتهى.
والمؤمن بعد الحساب يعلم أنه من أهل الجنة، ويعلم أيضا أن من المؤمنين من يخدش خدشا، ومنهم من تتخطفه الكلاليب فيسقط في النار، فلا يوقن بالنجاة من النار إلا إذا جاوز الصراط.
وقد روى مسلم (183) من حديث أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم: ثُمَّ يُضْرَبُ الْجِسْرُ عَلَى جَهَنَّمَ، وَتَحِلُّ الشَّفَاعَةُ، وَيَقُولُونَ: اللهُمَّ سَلِّمْ، سَلِّمْ قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا الْجِسْرُ؟ قَالَ: دَحْضٌ مَزِلَّةٌ، فِيهِ خَطَاطِيفُ وَكَلَالِيبُ وَحَسَكٌ تَكُونُ بِنَجْدٍ فِيهَا شُوَيْكَةٌ يُقَالُ لَهَا السَّعْدَانُ، فَيَمُرُّ الْمُؤْمِنُونَ كَطَرْفِ الْعَيْنِ، وَكَالْبَرْقِ، وَكَالرِّيحِ، وَكَالطَّيْرِ، وَكَأَجَاوِيدِ الْخَيْلِ وَالرِّكَابِ، فَنَاجٍ مُسَلَّمٌ، وَمَخْدُوشٌ مُرْسَلٌ، وَمَكْدُوسٌ فِي نَارِ جَهَنَّمَ، حَتَّى إِذَا خَلَصَ الْمُؤْمِنُونَ مِنَ النَّارِ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ بِأَشَدَّ مُنَاشَدَةً لِلَّهِ فِي اسْتِقْصَاءِ الْحَقِّ؛ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لِلَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ فِي النَّارِ، يَقُولُونَ: رَبَّنَا كَانُوا يَصُومُونَ مَعَنَا وَيُصَلُّونَ وَيَحُجُّونَ، فَيُقَالُ لَهُمْ: أَخْرِجُوا مَنْ عَرَفْتُمْ الحديث.
فلا يطمئن المؤمن حتى يعبر الصراط .
لا تعارض بين كون الصراط على ظهر جهنم وأن من الناس من يسقط فيها، وبين أن النار لها أبواب، فإن النار طبقات بعضها فوق بعض، والطبقة العليا هي طبقة عصاة الموحدين، وهم الذين سيمرون على الصراط، فمن سقط منهم سقط في هذه الطبقة العليا ودخلها من بابها الذي لا يعلم سعته ، ولا صفته وكيفيته ؛ إلا الله.
وأما الأمم الكافرة التي تعبد غير الله، فإنها لا تمر على الصراط، كما سيأتي.
قال الله تعالى: وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ (43) لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ الحِجر/43، 44 .
وقال: وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ (71) قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ الزمر/71، 72.
قال القرطبي رحمه الله: "( لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ) أي أطباق، طبق فوق طبق (لِكُلِّ بَابٍ) أي لكل طبقة (مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ) أي حظ معلوم.
ذكر ابن المبارك قال: أخبرنا إبراهيم أبو هارون الغنوي قال: سمعت حطان بن عبد الله الرقاشي يقول سمعت عليا رضي الله عنه يقول: هل تدرون كيف أبواب جهنم؟ قلنا: هي مثل أبوابنا. قال لا، هي هكذا، بعضها فوق بعض- زاد الثعلبي: ووضع إحدى يديه على الأخرى- وأن الله وضع الجنان على الأرض، والنيران بعضها فوق بعض، فأسفلها جهنم، وفوقها الحطمة، وفوقها سقر، وفوقها الجحيم، وفوقها لظى، وفوقها السعير، وفوقها الهاوية، وكل باب أشد حرا من الذي يليه سبعين مرة.
قلت: كذا وقع هذا التفسير. والذي عليه الأكثر من العلماء أن جهنم أعلى الدركات، وهي مختصة بالعصاة من أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وهي التي تُخلى من أهلها فتصفق الرياح أبوابها. ثم لظى، ثم الحطمة، ثم سعير، ثم سقر، ثم الجحيم، ثم الهاوية" انتهى من "تفسير القرطبي" (10/ 30).
فلا إشكال في كون العاصي يسقط من على الصراط، فيدخل الطبقة الأولى من النار من بابها الذي لا يعلم سعته إلا الله، فهذا أمر ممكن لا وجه لاستبعاده.
هذا مع أن آية الزمر واردة في حق الكافرين، والكافر لا يمر على الصراط، وإنما يدخل النار قبل ذلك.
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله في "التخويف من النار" ص235:
" واعلم أن الناس منقسمون إلى مؤمن يعبد الله وحده ولا يشرك به شيئاً، ومشرك يعبد مع الله غيره.
فأما المشركون فإنهم لا يمرون على الصراط، إنما يقمعون في النار قبل وضع الصراط، ويدل على ذلك ما في الصحيحين عن أبي هريرة، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، قال: يجمع الله الناس يوم القيامة، فيقول: من كان يعبد شيئاً فليتبعه، فيتبع الشمس من يعبدها، ويتبع القمر من يعبد القمر، ويتبع الطواغيت من يعبد الطواغيت، وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها، فذكر الحديث إلى أن قال: ويضرب الصراط بين ظهراني جهنم، فأكون أنا وأمتي أول من يجيزه .
وفيهما أيضاً، «عن أبي سعيد الخدري، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، قال: إذا كان يوم القيامة، أذن مؤذن: لتتبع كل أمة ما كانت تعبد، فلا يبقى أحد كان يعبد غير الله من الأصنام والأنصاب إلا يتساقطون في النار، حتى إذا لم يبق غير من كان يعبد الله من بر وفاجر، وغير أهل الكتاب، فتدعى اليهود، فيقال: ما كنتم تعبدون؟ قالوا: كنا نعبد عزير ابن الله، فيقال لهم: كذبتم، ما اتخذ الله من صاحبة ولا ولد.
فماذا تبغون؟ قالوا: عطشنا يا ربنا فاسقنا، فيشار إليهم ألا تردون فيحشرون إلى النار، كأنها سراب، يحطم بعضها بعضاً، فيتساقطون في النار، ثم تدعى النصارى، فيقال لهم: ما كنتم تعبدون؟ قالوا: كنا نعبد المسيح ابن الله، فيقال لهم: كذبتم، ما اتخذ الله من صاحبة ولا ولد.
فيقال لهم: ماذا تبغون؟ فيقولون: عطشنا يا ربنا فاسقنا، قال: فيشار إليهم ألا تردون؟ فيحشرون إلى جهنم، كأنها سراب، يحطم بعضها بعضاً، فيتساقطون في النار حتى إذا لم يبق إلا من كان يعبد الله من بر وفاجر، أتاهم رب العالمين.
فذكر الحديث إلى أن قال: فيكشف عن ساق، فلا يبقى من كان يسجد الله من تلقاء نفسه إلا أذن الله له بالسجود، ولا يبقى من كان يسجد اتقاء ورياء، إلا جعل الله ظهره طبقاً واحداً، كلما أراد أن يسجد، خر على قفاه، ثم يرفعون رؤوسهم، وقد تحول من صورته التي رأوه فيها أول مرة، فيقول: أنا ربكم، فيقولون، أنت ربنا، ثم يضرب الجسر على جهنم» .
وذكر الحديث.
وعند البخاري في رواية ثم يؤتى بجهنم، تعرض كأنها السراب، فيقال لليهود: ما كنتم تعبدون؟ وذكر الباقي بمعناه.
فهذا الحديث صريح في أن كل من أظهر عبادة شيء سوى الله، كالمسيح وعزير من أهل الكتاب، فإنه يلحق بالمشركين في الوقوع في النار قبل نصب الصراط، إلا أن عباد الأصنام والشمس والقمر وغير ذلك من المشركين تتبع كل فرقة منهم ما كانت تعبد في الدنيا، فترد النار مع معبودها أولاً، وقد دل القرآن على هذا المعنى، في قوله تعالى في شأن فرعون:
يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار وبئس الورد المورود .
وأما من عبد المسيح والعزير من أهل الكتاب، فإنهم يتخلفون مع أهل الملل المنتسبين إلى الأنبياء، ثم يردون في النار بعد ذلك.
وقد ورد في حديث آخر، أن من كان يعبد المسيح، يمثَّل له شيطان المسيح فيتبعونه، وكذلك من كان يعبد العزير...
ولا يبقى بعد ذلك إلا من كان يعبد الله وحده في الظاهر، سواء كان صادقاً أو منافقاً من هذه الأمة وغيرها.
ثم يتميز المنافقون على المؤمنين بامتناعهم من السجود، وكذلك يمتازون عنهم بالنور الذي يقسم المؤمنين" انتهى.
ويقال هنا ما قيل في العصاة من أن السقوط في النار لا ينافي الدخول من باب من أبوابها، فإنها طبقات ودركات إلى أسفل عافانا الله.
ثم إن الله تعالى مدح المؤمنين بالغيب، وذكر أنهم الذين ينتفعون بالقرآن، وبه يهتدون، فقال سبحانه: ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3) وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ البقرة/2-5
وإذا صح الحديث، وجب العمل به واعتقاد ما فيه، فإن أشكل منه شيء رجع فيه إلى أهل العلم، وأما القدح في الغيبيات، وضرب النصوص بعضها ببعض، فهذا شأن الضالين المبطلين الذين لا يفلحون.
والواجب الحذر من سماع الشبهات أو الدخول على المواقع التي تنشرها؛ فإن الشبهة قد تستقر في قلب الإنسان ولا يمكن إخراجها منه.
قال أبو قلابة رحمه الله: " لا تجالسوا أهل الأهواء ولا تجادلوهم، فإني لا آمن أن يغمسوكم في الضلالة، أو يلبسوا عليكم في الدين بعض ما لبس عليهم ".
قال الذهبي: " قلت: أكثر أئمة السلف على هذا التحذير، يرون أن القلوب ضعيفة، والشبه خطافة " انتهى من "سير أعلام النبلاء" (7/ 261).
وينظر للفائدة : جواب السؤال رقم : (326160) .
والله أعلم.