سمعت من الإمام بأن الشيطان غير موجود في شهر رمضان، إذا كان كلامه صحيحاً فلماذا يصعب على المسلمين ترك المعاصي في شهر رمضان؟
يعتقد البعض أن تصفيد الشياطين في رمضان يعني انعدام المعاصي، ولكن العلماء وضحوا أن الشرور لا تختفي تمامًا، بل تقلّ، وأن المعاصي قد تحدث بسبب النفس الأمارة بالسوء والعادات السيئة، وليس فقط بسبب وسوسة الشياطين. كما أن تصفيد الشياطين قد يكون مقصورًا على مردة الجن وليس جميعهم.
الحمد لله.
القول بأن الشيطان غير موجود في رمضان غير صحيح، والذي ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الشياطين تسلسل وتقيد في رمضان.
روى البخاري (1899) ومسلم (1079) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، وَسُلْسِلَتْ الشَّيَاطِينُ.
قال القرطبي:
"فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ نَرَى الشُّرُورَ وَالْمَعَاصِيَ وَاقِعَةً فِي رَمَضَان كَثِيرًا، فَلَوْ صُفِّدَتْ الشَّيَاطِينُ (أي: سلسلت) لَمْ يَقَعْ ذَلِكَ؟
فَالْجَوَابُ: أَنَّهَا إِنَّمَا تَقِلُّ عَنْ الصَّائِمِينَ الصَّوْم الَّذِي حُوفِظَ عَلَى شُرُوطِهِ وَرُوعِيَتْ آدَابُهُ، أَوْ الْمُصَفَّد بَعْض الشَّيَاطِينِ وَهُمْ الْمَرَدَةُ لا كُلُّهُمْ كَمَا جاء فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ، أَوْ الْمَقْصُودِ تَقْلِيل الشُّرُورِ فِيهِ، وَهَذَا أَمْر مَحْسُوس فَإِنَّ وُقُوع ذَلِكَ فِيهِ أَقَلّ مِنْ غَيْرِهِ، إِذْ لا يَلْزَمُ مِنْ تَصْفِيد جَمِيعهمْ أَنْ لا يَقَعُ شَرّ وَلا مَعْصِيَة لأَنَّ لِذَلِكَ أَسْبَابًا غَيْر الشَّيَاطِينِ كَالنُّفُوسِ الْخَبِيثَةِ وَالْعَادَات الْقَبِيحَة وَالشَّيَاطِينِ الإِنْسِيَّة اهـ . من فتح الباري .
وسئل الشيخ ابن عثيمين في فتاوى الصيام (ص466):
كيف يمكن التوفيق بين تصفيد الشياطين في رمضان ووقوع المعاصي من الناس؟
فأجاب:
المعاصي التي تقع في رمضان لا تنافي ما ثبت من أن الشياطين تصفد في رمضان، لأن تصفيدها لا يمنع من حركتها، ولذلك جاء في الحديث: وَيُصَفَّدُ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ، فَلَا يَخْلُصُوا إِلَى مَا كَانُوا يَخْلُصُونَ إِلَيْهِ فِي غَيْرِهِ رواه أحمد (7857) والحديث ذكره الألباني في ضعيف الترغيب (586) وقال: ضعيف جداً .
وليس المراد أن الشياطين لا تتحرك أبدا بل هي تتحرك، وتضل من تضل، ولكن عملها في رمضان ليس كعملها في غيره اهـ .
والله اعلم .