الحمد لله.
هذا "الحزب السيفي" لم يثبت اسناده إلى علي رضي الله عنه، ولم تتناقله كتب الآثار المعتمدة عند أهل العلم، وإنما تتناقله صحف لا تعد في كتب أهل العلم المعتبرة.
فهو خبر لا أصل له.
فينهى المسلم عن العمل بمثل هذه الأحزاب، لعدم ورود الدليل بها، فتتبع مثل هذه الأحزاب قد عدّه أهل العلم نوعا من الاعتداء في الدعاء.
قال القرطبي رحمه الله تعالى:
" والاعتداء في الدعاء على وجوه: ...
ومنها أن يدعو بما ليس في الكتاب والسنة، فيتخير ألفاظا مفقرة، وكلمات مسجعة، قد وجدها في كراريس لا أصل لها، ولا معول عليها، فيجعلها شعاره ويترك ما دعا به رسوله عليه السلام، وكل هذا يمنع من استجابة الدعاء، كما تقدم في سورة البقرة بيانه" انتهى من "تفسير القرطبي" (9/248).
وقال المعلمي رحمه الله تعالى:
" استثنى النبي صلى الله عليه وسلم الدعاء بإثم أو قطيعة رحم، لأن الداعي عاص بهذا الدعاء؛ فلا يستحق الإجابة أصلا، ويلحق بذلك – والله أعلم- من ابتدع في دعائه، إما في نفس الدعاء، وإما فيما يتعلق به؛ كأن تحرى مكانا، أو زمانا، أو هيئة، يزعم أن ذلك أقرب إلى الإجابة؛ ولم يثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم" انتهى من "العبادة" (ص411).
كما أن مثل هذه الأحزاب المجهولة المصدر قد تحتوي على بدع أو مخالفات شرعية لا ينتبه إليها من ليس له علم، فيجب أن تجتنب.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:
" لا ريب أن الأذكار والدعوات من أفضل العبادات، والعبادات مبناها على التوقيف، والاتباع، لا على الهوى والابتداع، فالأدعية والأذكار النبوية هي أفضل ما يتحراه المتحري من الذكر والدعاء، وسالكها على سبيل أمان وسلامة، والفوائد والنتائج التي تحصل لا يعبر عنه لسان، ولا يحيط به إنسان، وما سواها من الأذكار قد يكون محرما، وقد يكون مكروها، وقد يكون فيه شرك مما لا يهتدي إليه أكثر الناس، وهي جملة يطول تفصيلها.
وليس لأحد أن يسن للناس نوعا من الأذكار والأدعية غير المسنون ويجعلها عبادة راتبة يواظب الناس عليها كما يواظبون على الصلوات الخمس؛ بل هذا ابتداع دين لم يأذن الله به؛ بخلاف ما يدعو به المرء أحيانا من غير أن يجعله للناس سنة، فهذا إذا لم يعلم أنه يتضمن معنى محرما لم يجز الجزم بتحريمه ..." انتهى من "مجموع الفتاوى" (22/ 510–511).
كما أن أصحاب هذا الحزب المبتدع يجعلون له هيئة وعددا، منها ما يشغل كثيرا من وقت الإنسان، فيحرم نفسه - بسبب هذا - من فعل السنن الثابتة المستحبة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا حرمان عظيم.
وما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من الأدعية والأذكار غنية عن مثل هذه الأحزاب المبتدعة.
قال الله تعالى:
( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ) الأحزاب (21).
قال ابن كثير رحمه الله تعالى:
" هذه الآية الكريمة أصل كبير في التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله وأحواله " انتهى. "تفسير ابن كثير" (6 / 391).
وعن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: قَالَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ قَبْلِي إِلَّا كَانَ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ يَدُلَّ أُمَّتَهُ عَلَى خَيْرِ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ، وَيُنْذِرَهُمْ شَرَّ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ) رواه مسلم (1844).
والله أعلم.