الحمد لله.
أما الحديث المذكور فصحيح، رواه البخاري في "الصحيح" (3671) عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي: " أَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: أَبُو بَكْرٍ، قُلْتُ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ثُمَّ عُمَرُ، وَخَشِيتُ أَنْ يَقُولَ عُثْمَانُ، قُلْتُ: ثُمَّ أَنْتَ؟ قَالَ: مَا أَنَا إِلَّا رَجُلٌ مِنَ المُسْلِمِينَ".
وهذا الخبر ليس فيه دليل على أن محمد بن الحنفية كان على رأي الشيعة الغلاة الذين صاروا إلى الرفض، بل هو يدل على صحة وسلامة عقيدة محمد بن الحنفية رحمه الله تعالى؛ ويظهر ذلك من جوانب:
الجانب الأول: أن محمد بن الحنفية روى هذا الحديث عن أبيه، وحدث به ونشره بين الناس، فهذا يشير إلى أن هذه عقيدته وعقيدة أبيه رضي الله عنه.
الجانب الثاني: أن محمد ابن الحنفية لم يفضل والده على أبي بكر وعمر كما يفعل غلاة الشيعة، وإنما توقف في أمر عثمان بسبب النزاع الذي كان قائما بين والده وبين المطالبين بدم عثمان من الشاميين، ومحمد ابن الحنفية يومئذ شاب حدث، فأخذته عاطفته إلى هذا التصرف.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:
" قوله: ( وخشيت أن يقول عثمان، قلت: ثم أنت، قال: ما أنا إلا رجل من المسلمين )، في رواية محمد بن سوقة: ( ثم عجِلت للحَدَاثة، فقلت: ثم أنت يا أبتي، فقال: أبوك رجل من المسلمين )...
وأما خشية محمد بن الحنفية أن يقول عثمان؛ فلأن محمدا كان يعتقد أن أباه أفضل، فخشي أن عليا يقول عثمان على سبيل التواضع منه والهضم لنفسه، فيضطرب حال اعتقاده، ولا سيما وهو في سن الحداثة كما أشار إليه في الرواية المذكورة " انتهى من "فتح الباري" (7/33).
الجانب الثالث: أن مجرد تفضيل الشخص لعلي على عثمان رضي الله عنهما، ليس لوحده دليلا على تلبس هذا الشخص بعقيدة التشيع، فالخلاف في هذا التفضيل واقع بين أهل السنة، وقد سبق بيان هذا وبسطه في جواب السؤال رقم: (240154).
فالحاصل؛ أن محمد بن الحنفية رحمه الله تعالى من أفاضل السلف، وهذا الخبر المنقول عنه هو نفسه يدل على سلامة عقيدته، وإنصافه واتباعه للحق ونشره وإن خالف عاطفته، ومجانبته لإفك ضلال الشيعة.
والله أعلم.