الحمد لله.
أولا:
البوذية فلسلفة وضعية، انتحلت الصبغة الدينية.
جاء في "الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب المعاصرة" (2/ 758- 763): " البوذية: التعريف: هي فلسفة وضعية انتحلت الصبغة الدينية، وقد ظهرت في الهند بعد الديانة البرهمية الهندوسية في القرن الخامس قبل الميلاد. وكانت في البداية تناهض الهندوسية وتتجه إلى العناية بالإنسان، كما أن فيها دعوة إلى التصوف والخشونة ونبذ الترف، والمناداة بالمحبة والتسامح وفعل الخير. وبعد موت مؤسسها تحولت إلى معتقدات باطلة، ذات طابع وثني، ولقد غالى أتباعها في مؤسسها حتى ألَّهوه.
وهي تعتبر نظاماً أخلاقياً، ومذهباً فكرياً مبنياً على نظريات فلسفية، وتعاليمها ليست وحياً، وإنما هي آراء وعقائد في إطار ديني.
وتختلف البوذية القديمة عن البوذية الجديدة: في أن الأولى صبغتها أخلاقية، في حين أن البوذية الجديدة هي تعاليم بوذا، مختلطة بآراء فلسفية وقياسات عقلية عن الكون والحياة...
وقد احتفظت البوذية ببعض صورها الأولى في منطقة جنوب آسيا، وخاصة في سيلان وبورما، أما في الشمال، وعلى الأخص في الصين واليابان: فقد ازدادت تعقيداً، وانقسمت إلى مذهبين هما:
1- مذهب ماهايانا (مذهب الشمال) ويدعو إلى تأليه بوذا وعبادته، وترسُّم خطاه.
2- مذهب هنايانا (مذهب الجنوب) وقد حافظ على تعاليم بوذا، ويعتبر أتباع هذا المذهب أن بوذا هو المعلم الأخلاقي العظيم الذي بلغ أعلى درجة من الصفاء الروحي" انتهى.
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة " (26/44): "بوذا ليس نبياً ، بل كافراً فيلسوفاً ، يتنسك على غير دين سماوي ، فمن اعتقد بنبوته فهو كافر .
وقد غلا قومه فيه ، واعتقدوا فيه الألوهية ، وعبدوه من دون الله ، واعتنق هذه النحلة البوذية الوثنية كثير من البشر قديماً وحديثاً ، فالواجب على المسلم بغض هذه النحلة ، وبغض أهلها ، والبراءة منهم ، ومعاداتهم في الله .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ ... الشيخ صالح بن فوزان الفوزان ... الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد" انتهى .
وبهذا يتيبين أنه مذهب وثني، يؤله بوذا، ويعبده من دون الله.
وربما وجد فيهم من ينكر ذلك بلسانه، كحال عباد القبور المنتسبين للإسلام، فإنهم ينكرون تأليه المقبورين ويقولون: لسنا نعبدهم، وهم يقدمون لهم العبادة من دعاء ونذر وذبح وتعظيم وتقديس.
فمن دعا غير الله فقد عبده واتخذه إلها وإن أنكر ذلك بلسانه.
ثانيا:
السجود للمخلوق فيه تفصيل سبق بيانه في جواب السؤال رقم: (229780).
وأما السجود للصنم فكفر إجماعا، وليس فيه تفصيل، لأنه لا يكون إلا مع التأليه، ولو أنكر صاحبه ذلك.
وقد استشكل القرافي الفرق، وعلق عليه ابن الشاط في حاشيته على "الفروق للقرافي" (1/ 125): " قال: (وأكمل البحث في هذا الموطن بذكر مسألتين: اتفق الناس على أن السجود للصنم على وجه التذلل له والتعظيم: كفر. ولو وقع ذلك في حق الولد مع والده، تعظيما له وتذللا، أو في حق الأولياء والعلماء: لم يكن كفرا، والفرق عسير) .
قلت: أغفل الوصف المفرّق، فعسر عليه الفرق.
والوصف المفرق: أن سجود من سجد للأصنام، لم يسجد لها لمجرد التذلل والتعظيم؛ بل: لذلك ، مع اعتقاد أنها آلهة، وأنها شركاء لله تعالى.
ولو وقع مثل ذلك مع الوالد أو العالم أو الولي؛ لكان ذلك كفرا لا شك فيه.
وأما إذا وقع ذلك أو ما في معناه مع الوالد، لمجرد التذلل والتعظيم، لا لاعتقاد أنه إله وشريك لله عز وجل: فلا يكون كفرا، وإن كان ممنوعا سدا للذريعة" انتهى.
ولو اتخذ رجل رمزا لقبر النبي عليه الصلاة والسلام، كحجر من المدينة مثلا، أو مجسما للمسجد النبوي، و سجد له، لكان كافرا، ولا ينفعه قوله إنه سجود تحية، فهو كاذب في ذلك وأي تحية للحجر والمجسّم، بل هو سجود تأليه، فيكفر به.
وعن هذا كان بدء شرك المشركين، وأصنامهم وتماثيلهم، إنما كانت صورا لأناس صالحين، ورموزا لهم، فعبدوها من دون الله. وليس في نفس الحجر، أو الصنم: ما يستحق التعظيم والتوقير، لو لم يكن يفعل له ذلك على وجه العبودية ، واتخاذه ندا من دون الله .
روى البخاري في "صحيحه": (5920) ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "صَارَتِ الأَوْثَانُ الَّتِي كَانَتْ فِي قَوْمِ نُوحٍ فِي العَرَبِ بَعْدُ أَمَّا وَدٌّ كَانَتْ لِكَلْبٍ بِدَوْمَةِ الجَنْدَلِ، وَأَمَّا سُوَاعٌ كَانَتْ لِهُذَيْلٍ، وَأَمَّا يَغُوثُ فَكَانَتْ لِمُرَادٍ، ثُمَّ لِبَنِي غُطَيْفٍ بِالْجَوْفِ، عِنْدَ سَبَإٍ، وَأَمَّا يَعُوقُ فَكَانَتْ لِهَمْدَانَ، وَأَمَّا نَسْرٌ فَكَانَتْ لِحِمْيَرَ لِآلِ ذِي الكَلاَعِ، أَسْمَاءُ رِجَالٍ صَالِحِينَ مِنْ قَوْمِ نُوحٍ، فَلَمَّا هَلَكُوا أَوْحَى الشَّيْطَانُ إِلَى قَوْمِهِمْ، أَنِ انْصِبُوا إِلَى مَجَالِسِهِمُ الَّتِي كَانُوا يَجْلِسُونَ أَنْصَابًا وَسَمُّوهَا بِأَسْمَائِهِمْ، فَفَعَلُوا، فَلَمْ تُعْبَدْ، حَتَّى إِذَا هَلَكَ أُولَئِكَ وَتَنَسَّخَ العِلْمُ عُبِدَتْ".
وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم: (10452).
والله أعلم.