من قال كل يوم مرة : (لا إله إلا الله قبل كل شيء، لا إله إلا الله بعد كل شيء، لا إله إلا الله يبقى ويفني كل شيء، لا إله إلا الله ليس كمثله شيء) وقي الهم، والحزن، ووسوسة الشيطان، ومتع بعقله حتى يموت" رواه الطبراني في "كتاب الدعاء"، وهو من أقوال سفيان الثوري. السؤال: هل يجوز الاعتماد على هذا الكلام، والمداومة على ذلك الذكر بهدف الوقاية من الحزن والهم ووسوسة الشيطان، أم لا يجوز؛ لأنه لم يذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم؟
الحمد لله.
هذا الخبر ورد مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وورد من كلام سفيان الثوري.
فرواه الطبراني في "المعجم الكبير" (10/ 351—352)، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا، حدثنا الْعَبَّاسُ، حدثنا أَبُو هِلَالٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ بَعْدَ كُلِّ شَيْءٍ، عُوفِيَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ.
وهذا سند واه جدا، ففيه شيخ الطبراني مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا، وهو ضعيف ومتهم بوضع الأحاديث المكذوبة.
قال الذهبي رحمه الله تعالى:
" محمد بن زكريا الغلابى البصري الاخباري، أبو جعفر.
عن عبد الله ابن رجاء الغدانى، وأبي الوليد، والطبقة.
وعنه أبو القاسم الطبراني، وطائفة.
وهو ضعيف، وقد ذكره ابن حبان في كتاب الثقات، وقال: يعتبر بحديثه إذا روى عن ثقة.
وقال ابن منده: تكلم فيه.
وقال الدارقطني: يضع الحديث " انتهى من "ميزان الاعتدال" (3/550).
وفي إسناده أيضا العباس، وهو ابن بكار الضبي، وهو ضعيف أيضا.
قال ابن عدي رحمه الله تعالى:
" عباس بن بكار الضبي بصري.
منكر الحديث عن الثقات وغيرهم " انتهى من "الكامل في الضعفاء" (6/6).
وقال عنه الدارقطني: كذاب، كما في كتابه "الضعفاء" (ص 321).
ولذا حكم الشيخ الألباني رحمه الله تعالى على هذا الحديث بأنه موضوع كما في "السلسة الضعيفة" (1/617)، و (11/286).
ورواه الطبراني في "الدعاء" (354)، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحِ بْنِ الْوَلِيدِ النَّرْسِيُّ، حدثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ بِشْرِ بْنِ مَنْصُورٍ السَّلِيمِيُّ، حدثنا وَدَاعُ بْنُ مُرَجَّى بْنِ وَدَاعٍ الرَّاسِبِيُّ، حدثنا بِشْرُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، قَالَ: مَنْ قَالَ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّةً: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ بَعْدَ كُلِّ شَيْءٍ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَبْقَى وَيَفْنَى كُلُّ شَيْءٍ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، كُفِيَ الْهَمَّ وَالْحَزَنَ وَوَسْوَسَةَ الشَّيْطَانِ وَمُتِّعَ بِعَقْلِهِ حَتَّى يَمُوتَ.
وهذا الإسناد فيه وَدَاعُ بْنُ مُرَجَّى، وهو مذكور في الرواة عن بشر بن منصور السليمي، كما في "تهذيب الكمال" (4/152)، لكن لم نقف على توثيق له، إلا أنّ ابن حبان ذكره في كتابه "الثقات" (9/230)، لكنه ورد باسم "وداع بن مرحى"، ومجرد ذكره لا يكفي للحكم عليه بأنه ثقة مقبول الحديث.
وشيخ الطبراني محمّد بن صالح مجهول.
فالخلاصة: أن هذا الخبر ليس له إسناد ثابت يصح، لا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ولا إلى سفيان الثوري.
ويغني عن ذلك كله : حديث عَنْ سَعْد بن أبي وقاص، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الحُوتِ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ رواه الترمذي (3505)، والإمام أحمد في "المسند" (3 / 65)، وحسنه محققو المسند، وصححه الشيخ الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب" (2/282).
وهذا الدعاء وارد في قوله تعالى: وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ، فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ الأنبياء/87 - 88.
وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم:(318430).
والله أعلم.