الحمد لله.
هذا أمر مشروع حسن، وهو أن يدفع المسلم أحزانه بالصلاة والدعاء.
قال الله تعالى:(وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ) البقرة/45.
وقال الله تعالى:(يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) البقرة /153.
وروى الإمام أحمد في "المسند" (31/ 285-286) عَنْ صُهَيْبٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقَدْ ذَكَر نَبِيًّا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، قَالَ: (فَقَامَ إِلَى صَلَاتِهِ، قَالَ: وَكَانُوا يَفْزَعُونَ إِذَا فَزِعُوا إِلَى الصَّلَاةِ).
وقال محققو المسند: "إسناده صحيح على شرط مسلم، سليمان بن المغيرة: وهو القيسي من رجاله، وقد أخرج له البخاري مقروناً وتعليقاً، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين " انتهى.
قال القرطبي رحمه الله تعالى:
" قوله تعالى:( وَالصَّلَاةِ ) خص الصلاة بالذكر من بين سائر العبادات تنويها بذكرها، وكان عليه السلام إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة.
ومنه ما روي أن عبد الله ابن عباس نعي له أخوه قثم - وقيل بنت له- وهو في سفر فاسترجع وقال: عورة سترها الله، ومئونة كفاها الله، وأجر ساقه الله. ثم تنحى عن الطريق وصلى ثم انصرف إلى راحلته وهو يقرأ: ( وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ). فالصلاة على هذا التأويل هي الشرعية... " انتهى من "تفسير القرطبي" (2/66).
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
" ومن فوائد الآية: أنه إذا طالت أحزانك فعليك بالصبر، والصلاة " انتهى من "تفسير سورة البقرة" (ص 165).
والدعاء للظالم بالهداية والمغفرة، من العفو والإصلاح المحمود.
قال الله تعالى:(وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) الشورى/40.
قال ابن كثير رحمه الله تعالى:
" فشرع العدل وهو القصاص، وندب إلى الفضل وهو العفو، كقوله تعالى: ( وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ )؛ ولهذا قال هاهنا: ( فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ) أي: لا يضيع ذلك عند الله كما صح في الحديث: ( وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا ) " انتهى من "تفسير ابن كثير" (7/212).
وعن عَبْد اللَّهِ بن مسعود، قال: ( كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَحْكِي نَبِيًّا مِنَ الأَنْبِيَاءِ، ضَرَبَهُ قَوْمُهُ فَأَدْمَوْهُ، وَهُوَ يَمْسَحُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ ) رواه البخاري (3477)، ومسلم (1792).
والله أعلم.