الحمد لله.
الواجب على كل من أحرم بالعمرة والحج أن يتم نسكهما وإن كانا نفليْن ؛ لقوله تعالى : ( وأتموا الحج والعمرة لله ) ، ومن نوى الإحرام وترك تتمة النسك لغير عذر شرعي وقع في المحظور .
قال علماء اللجنة الدائمة :
إذا كان لبس الإزار والرداء ولم ينو الدخول في الحج أو العمرة ولم يلب بذلك فهو بالخيار: إن شاء دخل في الحج أو العمرة ، وإن شاء ترك ذلك ، ولا حرج عليه إذا كان قد أدى حجة وعمرة الإسلام ، أما إن كان قد نوى الدخول في الحج أو العمرة فليس له فسخ ذلك والرجوع عنه ، بل يجب عليه أن يكمل ما أحرم به على الوجه الشرعي ؛ لقول الله سبحانه : ( وأتموا الحج والعمرة لله ) ، وبهذا يتضح لك : أن المسلم إذا دخل في حج أو عمرة بالنية فليس له رفض ذلك ، بل يجب عليه أن يكمل ما شرع فيه ؛ للآية الكريمة المذكورة ، إلا أن يكون قد اشترط ، وحصل المانع الذي خاف منه فله أن يتحلل ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لضباعة بنت الزبير لما قالت : يارسول الله إني أريد الحج وأنا شاكية ، قال: " حجي واشترطي أن محلي حيث حبستني " متفق على صحته .فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء " ( 11 / 166 ، 167 ) .
وبناء على هذا ، فإن العمرة التي أديتها تقع عن العمرة التي أحرمت بها أولاً .
وأما محظورات الإحرام التي فعلتيها في تلك الأيام فإنها معفو عنها .
لأن الظاهر أنك كنت لا تعلمين تحريم فسخ نية العمرة بعد عقدها .
وقد سبق في إجابة السؤال ( 36522 ) أن من فعل محظوراً من محظورات الإحرام جاهلاً أو ناسياً أنه لا شيء عليه .
سئل الشيخ ابن عثيمين عن امرأة أحرمت بالعمرة ثم فسخت العمرة واعتمرت بعدها بعدة أيام عمرة أخرى فهل هذا العمل صحيح ؟ وما حكم ما فعلته من محظورات الإحرام ؟
فأجاب : هذا العمل غير صحيح ، لأن الإنسان إذا دخل في عمرة أو حج حرم عليه أن يفسخه إلا لسبب شرعي قال الله تعالى : ( وأتموا الحج والعمرة لله فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي ) ، فعلى هذه المرأة أن تتوب إلى الله عز وجل مما صنعت ، وعمرتها صحيحة لأنها وإن فسخت العمرة فإنها لا تنفسخ العمرة ، وهذا من خصائص الحج ، والحج له خصائص عجيبة لا تكون في غيره ، فالحج إذا نويت إبطاله لم يبطل ، وغيره من العبادات إذا نويت إبطال بطل ، فلو أن الإنسان وهو صائم نوى إبطال صومه بطل صومه ، ولو أن المتوضئ أثناء وضوئه نوى إبطال الوضوء بطل الوضوء .
لو أن المعتمر أثناء العمرة نوى إبطالها لم تبطل ، أو نوى إبطال الحج أثناء تلبسه بالحج لم يبطل .
ولهذا قال العلماء : إن النسك لا يرتفض برفضه .
وعلى هذا نقول : إن هذه المرأة ما زالت محرمة منذ عقدت النية إلى أن أتمت العمرة ، ويكون نيتها الفسخ غير مؤثرة فيه ، بل هي باقية عليه .
وخلاصة الجواب : بالنسبة للمرأة نقول : إن عمرتها صحيحة ، وإن عليها أن لا تعود لرفض الإحرام مرة ثانية ، لأنها لو رفضت الإحرام لم تتخلص منه .
وأما ما فعلته من المحظورات ولنفرض أن زوجها جامعها والجماع في النسك هو أعظم المحظورات فإنه لا شيء عليها ، لأنها جاهلة ، وكل إنسان يفعل محظوراً من محظورات الإحرام جاهلاً أو ناسياً أو مكرهاً فلا شيء عليه . اهـ من مجموع فتاوى ابن عثيمين (21/351) باختصار .
والله أعلم .