الحمد لله.
نسأل الله تعالى أن يغفر ذنبك ، ويستر عيبك ، ويجنبك الفتن ما ظهر منها وما بطن ، أما مسألتك فيتضح الجواب عنها ببيان الأمور التالية :
أولا : يظهر من سؤالك أن من قذفتها بعمل الحرام معها هي امرأة معينة ، تعرفها أنت ويعرفها ابن عمك ، فإن كانت امرأة معينة معروفة ، فهذا قذف منك لها ، وهو من الكبائر المحرمة ، والذنوب القبيحة ، إذ إنه طعن في الأعراض ، وانتهاك لما حرم الله تعالى ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عنه أبو هريرة رضي الله عنه : ( اجتنبوا السبع الموبقات ، قالوا يا رسول الله وما هن ؟ قال : الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات ) رواه البخاري برقم 2615 ، ومسلم برقم 89
وكما أنه قذف لتلك المرأة فهو إقرار على نفسك بالزنا ، حتى وإن كنت كاذبا .
أما إن كانت المرأة غير معينة ، أي إنك قلت : فعلت مع امرأة ، وليست هذه المرأة معينة ، فهذا لا يعتبر قذفا لأحد ، لكنه إقرار على نفسك بالزنا تستوجب معه الحد ، ويجب عليك أن تنفيه عن نفسك .
قال في بدائع الصنائع : " لو قال : زنيت بامرأة ولا أعرفها ، صح إقراره ويحد " بدائع الصنائع 7/51
ثانيا : إذا كان تلك المرأة معينة ، وقد تبت وندمت على ما فعلت فإن توبتك أن تكذب نفسك ، فيلزمك أن تخبر ابن عمك بأنك غير صادق فيما قلته ، لأنه لا بد أن تبرئ ساحة تلك المرأة العفيفة ، ولا يحل لك أبدا أن تقدم صداقة ابن عمك على هتك عرض مسلمة .
قال ابن قدامة في "المغني" :
ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ أَنَّ تَوْبَةَ الْقَاذِفِ إكْذَابُ نَفْسِهِ , فَيَقُولُ : كَذَبْت فِيمَا قُلْت . وَهَذَا مَنْصُوصُ الشَّافِعِيِّ . قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ : وَمِمَّنْ قَالَ هَذَا سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ , وَعَطَاءٌ , وَطَاوُسٌ , وَالشَّعْبِيُّ , وَإِسْحَاقُ , وَأَبُو عُبَيْدٍ , وَأَبُو ثَوْرٍ اهـ باختصار .
وروى عبد الرزاق في "المصنف" (5/77) عَنْ طَاوُسٍ قَالَ : تَوْبَتُهُ ( يعني من اتهم أحداً بالزنى ) أَنْ يُكَذِّبَ نَفْسَهُ .
ثالثا : اعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من التمس رضاء الله بسخط الناس كفاه الله مؤنة الناس ، ومن التمس رضاء الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس ) رواه الترمذي برقم 2414 وصححه الألباني ، فهذا الحديث يدلك على أن ما تخافه من سوء العلاقة بينك وبين ابن عمك أمر هين ، فإن من أطاع الله تعالى وأرضاه ، فإن الله يكفيه الناس ، فاحرص على علاقتك بربك أكثر من حرصك على علاقتك بابن عمك ، واعلم أن هذا من الابتلاء الذي يختبرك الله به ، فاقدم على الحق ، وتوكل على الله ، ولا تخش فيه لومة لائم ، وأكثر من الاستغفار والتوبة ودعاء الله عز وجل أن يوفقك لقول الحق ، وأن يؤلف بينك وبين ابن عمك ، فإن قلوب العباد بين أصعبين من أصابع الرحمن يقلبها كيف شاء .
والله أعلم .