لقد نسيت أني جنبا، وصليت الفجر، وخرجت من المنزل، ولا أستطيع الاغتسال حتى أعود إلى المنزل، فهل أتوضأ، وأصلي الصلوات التي ستمر علي حتى أعود إلى المنزل؟ أم أغتسل عند عودتي، وأقضي ما فاتني؟
الحمد لله.
من تذكر أنه على جنابة بعد أن صلى، فيلزمه الاغتسال وإعادة الصلاة التي صلاها وهو جنب، حال تذكره لذلك.
وقد بين الله تعالى أن الطهارة من الجنابة تكون بالاغتسال، ومن عدم الماء، أو تعذر عليه استعماله لمرض ونحوه: وجب عليه التيمم، والوضوء لا يرفع الجنابة.
وقد بين الله تعالى بعد أن ذكر الوضوء للصلاة أن الجنابة لها حكم مختلف عن الوضوء، وهو الاغتسال. قال تعالى: يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ ... الآية [المائدة: 6].
يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا [النساء: 43]
ثانياً:
الواجب عليك حال تذكرك أنك صليت على جنابة أن تذهب للاغتسال في بيتك أو في أي مكان، فأنت في مدينة يتوفر فيها الماء، ويمكنك العودة إلى بيتك للاغتسال، أو الاغتسال في أي حمام يتيسر لك، وعليك أن تعيد تلك الصلاة.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: " أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ، فَقُمْنَا فَعَدَّلْنَا الصُّفُوفَ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذَا قَامَ فِي مُصَلَّاهُ قَبْلَ أَنْ يُكَبِّرَ، ذَكَرَ فَانْصَرَفَ ، وَقَالَ لَنَا: مَكَانَكُمْ، فَلَمْ نَزَلْ قِيَامًا نَنْتَظِرُهُ حَتَّى خَرَجَ إِلَيْنَا وَقَدْ اغْتَسَلَ، يَنْطُفُ رَأْسُهُ مَاءً، فَكَبَّرَ فَصَلَّى بِنَا" رواه مسلم (605).
لكن إذا قُدِّر أنه تعذر عليك الاغتسال مطلقاً، ففي هذه الحال تتيمم عن جنابتك، ثم تتوضأ للصلاة ، وتصلي حتى تجد الماء وتتمكن من استعماله.
فقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم الصحابي الذي كان جنباً وليس معهم ماء أن يتيمم، فلما جاء الماء أمره أن يغتسل.
وفي صحيح البخاري من حديث عمران بن حصين الطويل، في قصة الرجل الذي اعتزل فلم يصل مع النبي صلي الله عليه وسلم فسأله فقال: ما منعك أن تصلي معنا؟ قال: أصابتني جنابة ولا ماء، فقال: عليك بالصعيد فإنه يكفيك. ثم حضر الماء، فأعطى الذي أصابته الجنابة إناء من ماء، وقال: اذهب فأفرغه عليك أي: اغتسل به. رواه البخاري (337).
ولا يجوز أن تصلي بالوضوء وأنت على جنابة، ولا يجزى الوضوء عن الاغتسال.
وينظر للفائدة جواب السؤال رقم: (264878)، ورقم: (305664)، ورقم: (226398).
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "لقد أصبحت في أحد الأيام وأنا جنب ولم أغتسل فصليت الفجر والظهر وأنا جنب فهل تقبل صلاتي أم علي أن أتوب وأعيد الصلاتين؟
فأجاب رحمه الله تعالى: أما إن كنت تعلم بالجنابة، وصليت متعمدا وأنت على جنابة: فأنت على خطر عظيم؛ لأن من العلماء من قال: "من صلى على حدث عالما فهو كافر" نسأل الله العافية، لأنه كالمستهزئ بآيات الله.
وأما إن كنت جاهلا لم تعلم بالجنابة إلا بعد أن صليت الفجر والظهر، فليس عليك شيء إلا أن تغتسل وتعيد الصلاتين. وكذلك لو كنت عالما بالجنابة لكن نسيت فصليت الفجر والظهر فليس عليك إلا أن تغتسل وتعيد الصلاتين" انتهى من "فتاوى نور على الدرب للعثيمين" (8/ 2 بترقيم الشاملة).
والله أعلم.