معنى حديث (الصوم لي وأنا أجزي به)

16-09-2008

السؤال 50388

لماذا خص الله جزاء الصوم به سبحانه وتعالى؟ 

ملخص الجواب:

خص الله جزاء الصوم بنفسه لشرف الصوم عنده، ومحبته له، وظهور الإخلاص له سبحانه فيه، لأنه سر بين العبد وربه لا يطلع عليه إلا الله.وأضاف الله الجزاء إلى نفسه الكريمة لأن الأعمال الصالحة يضاعف أجرها بالعدد، الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، أما الصوم فإن الله أضاف الجزاء عليه إلى نفسه من غير اعتبار عدد، وهو سبحانه أكرم الأكرمين وأجود الأجودين.

الجواب

الحمد لله.

روى البخاري (1761) ومسلم (1946) عن أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَالَ اللَّهُ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلا الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ... الحديث.

ولما كانت الأعمال كلها لله وهو الذي يجزي بها، اختلف العلماء في قوله: (الصيام لي وأنا أجزي به) لماذا خص الصوم بذلك؟

وقد ذكر الحافظ ابن حجر رحمه الله من كلام أهل العلم عشرة أوجه في بيان معنى الحديث وسبب اختصاص الصوم بهذا الفضل، وأهم هذه الأوجه ما يلي:

1- أن الصوم لا يقع فيه الرياء كما يقع في غيره، قال القرطبي: لما كانت الأعمال يدخلها الرياء، والصوم لا يطلع عليه بمجرد فعله إلا الله فأضافه الله إلى نفسه ولهذا قال في الحديث: (يدع شهوته من أجلي). وقال ابن الجوزي: جميع العبادات تظهر بفعلها وقلّ أن يسلم ما يظهر من شوبٍ (يعني قد يخالطه شيء من الرياء) بخلاف الصوم.

2- أن المراد بقوله: (وأنا أجزى به) أني أنفرد بعلم مقدار ثوابه وتضعيف حسناته. قال القرطبي: معناه أن الأعمال قد كشفت مقادير ثوابها للناس وأنها تضاعف من عشرة إلى سبعمائة إلى ما شاء الله إلا الصيام فإن الله يثيب عليه بغير تقدير. ويشهد لهذا رواية مسلم (1151) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِلا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ أي أجازي عليه جزاء كثيرا من غير تعيين لمقداره، وهذا كقوله تعالى: إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب.

3- أن معنى قوله: (الصوم لي) أي أنه أحب العبادات إلي والمقدم عندي. قال ابن عبد البر: كفى بقوله: (الصوم لي) فضلا للصيام على سائر العبادات. وروى النسائي (2220) عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: قال رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عَلَيْكَ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لا مِثْلَ لَهُ. صححه الألباني في صحيح النسائي.

4- أن الإضافة إضافة تشريف وتعظيم، كما يقال: بيت الله، وإن كانت البيوت كلها لله. قال الزين بن المنير: التخصيص في موضع التعميم في مثل هذا السياق لا يفهم منه إلا التعظيم والتشريف.

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:

" وَهَذَا الحديثُ الجليلُ يدُلُّ على فضيلةِ الصومِ من وجوهٍ عديدةٍ:

والله أعلم.

شروح الأحاديث وجوب الصوم وفضله المناقب
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب