هل سورة الملك تنجي صاحبها يوم القيامة؟

17-07-2024

السؤال 507392

من قرأ سورة الملك سينجو من عذاب القبر، وأيضًا، المنعَّمُ في القبر سيكون آمنا يوم القيامة، إذا كان كلاهما صحيحًا، هل يعني أن سورة الملك تنجيك فعليًا يوم القيامة؟

الجواب

الحمد لله.

سورة الملك تمنع من عذاب القبر، وتشفع لصاحبها يوم القيامة.

فعن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (سورة تبارك هي المانعة من عذاب القبر) رواه أبو الشيخ في " طبقات الأصبهانيين " (264) وحسنه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (1140) وقال:

"وقد أخرجه الحاكم (2 / 498) من طريق عبد الله أنبأنا سفيان به موقوفا أتم منه، وهو في حكم المرفوع وقال: " صحيح الإسناد " ووافقه الذهبي.

ويشهد له حديث ابن عباس قال: " ضرب بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم خباءه على قبر، وهو لا يحسب أنه قبر، فإذا فيه إنسان يقرأ سورة (تبارك الذي بيده الملك) حتى ختمها، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني ضربت خبائي على قبر، وأنا لا أحسب أنه قبر، فإذا فيه إنسان يقرأ سورة (تبارك الملك) حتى ختمها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " هي المانعة، هي المنجية تنجيه من عذاب القبر" أخرجه الترمذي (2 / 146) وابن نصر (66) وأبو نعيم في " الحلية " (3 / 81)" انتهى.

وقال شعيب الأرنؤوط في تحقيق المسند (13/ 354): "وفي فضل سورة تبارك روى عبد الرزاق في "مصنفه" (6025) ، ومن طريقه الطبراني في "الكبير" (8651) عن سفيان الثوري، عن عاصم بن أبي النجود، عن زر بن حبيش، عن ابن مسعود قال: هي المانعة، تمنع عذاب القبر. وسنده حسن...

وروى النسائي في "عمل اليوم والليلة" (711)، والطبراني (10254) من طريق عرفجة بن عبد الواحد، عن عاصم، عن زر، عن ابن مسعود: كنا في عهد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نسميها المانعة " انتهى.

وروى أحمد (7975)، وأبو داود (1400)، والترمذي (2891)، وابن ماجه (3786) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( سُورَةٌ مِنَ الْقُرْآنِ ثَلَاثُونَ آيَةً، تَشْفَعُ لِصَاحِبِهَا حَتَّى يُغْفَرَ لَهُ: تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ) وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجه".

فيرجى لصاحب هذه السورة الملازم لها أن تنجيه من عذاب القبر، وأن تشفع له يوم القيامة حتى يغفر له.

ومن نجا من عذاب القبر وكان من المنعمين، فإنه ممن ترجي له النجاة يوم القيامة، كما روى أحمد (454)، والترمذي (2308)، وابن ماجه (4267) عن هَانِئ، مَوْلَى عُثْمَانَ قَالَ: كَانَ عُثْمَانُ، إِذَا وَقَفَ عَلَى قَبْرٍ بَكَى حَتَّى يَبُلَّ لِحْيَتَهُ، فَقِيلَ لَهُ: تُذْكَرُ الجَنَّةُ وَالنَّارُ فَلَا تَبْكِي وَتَبْكِي مِنْ هَذَا؟

فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِنَّ القَبْرَ أَوَّلُ مَنْزِلٍ مِنْ مَنَازِلِ الآخِرَةِ، فَإِنْ نَجَا مِنْهُ، فَمَا بَعْدَهُ أَيْسَرُ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَنْجُ مِنْهُ، فَمَا بَعْدَهُ أَشَدُّ مِنْهُ) وحسنه الألباني، وصححه شعيب.

قال في "تحفة الأحوذي" (6/ 490): " (إن القبر أول منزل من منازل الآخرة) ومنها عرضة القيامة عند العرض، ومنها الوقوف عند الميزان، ومنها المرور على الصراط، ومنها الجنة أو النار، في بعض الروايات: "وآخر منزل من منازل الدنيا" ولذا يسمى البرزخ.

(فإن نجا)، أي خلص المقبور (منه) أي من عذاب القبر: (فما بعده) أي من المنازل (أيسر منه): أي أسهل؛ لأنه لو كان عليه ذنب، لكُفِّر بعذاب القبر.

(وإن لم ينج منه): أي لم يتخلص من عذاب القبر ولم يُكفَّر ذنوبه به، وبقي عليه شيء مما يستحق العذاب به: (فما بعده أشد منه) لأن النار أشد العذاب، والقبر حفرة من حفر النيران" انتهى.

لكن الأمر ليس معادلات رياضية، ولا هو قياس منطقي، كما رتب السائل سؤاله، وظنه؛ فإن الفضائل لا تثبت بقياس، ولا نظر. وهكذا، أمور الحساب والعقاب، والنعيم والعذاب؛ إنما مردها إلى الأثر والتوقيف.

وقد يخفف عن العبد في قبره بدعاء، أو بشفاعة، أو بفضيلة من الفضائل المنجية من عذاب القبر؛ ثم يبقى عليه من الذنب، ما يستحق به الحساب، والعذاب، ولا غرابة، ولا إشكال في هذا.

وإنما مرد الأمر كله: إلى التعلق بفضل الله على عباده، وعفوه عنه، وما يفتح من أبواب التكفير، والعفو عن عباده.

نسأل الله أن ينجينا من عذاب القبر، ومن عذاب النار، وأن يرزقنا نعيم القبر، والأمن يوم الفزع، والفردوس الأعلى من الجنة.

والله أعلم.
 

فضائل القرآن
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب