حكم التبليغ على من يقوم بالسرقة
أعمل في شركه خاصة ويحدث أمامي سرقات من قبل العمال وإني أكتم هذا الشيء .
السؤال : هل أحمل إثماً على هذا الشيء ؟
الجواب
الحمد لله.
ثبت في صحيح مسلم ( 49 ) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى
الله عليه وسلم يقول : ( مَن رأى منكم منكراً فليغيِّره بيده ، فإن لم يستطع
فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان ) .
قال النووي رحمه الله :
"وأما قوله صلى الله عليه وسلم : " فليغيره " فهو أمر إيجاب بإجماع الأمة ، وقد
تطابق على وجوب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر الكتاب والسنة وإجماع الأمة ، وهو
أيضا من النصيحة التي هي الدين " انتهى .
" شرح صحيح مسلم " ( 2 / 22 ) .
وقد كان بنو إسرائيل يرون المنكر ويسكتون عن إنكاره ، فسبَّب ذلك السكوت لهم اللعنة
، كما قال سبحانه : ( لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى
لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا
يَعْتَدُونَ . كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا
كَانُوا يَفْعَلُونَ ) المائدة/78-79 .
وبناء عليه : لا يجوز لمن رأى منكراً أن يسكت عنه مع قدرته على إنكاره وتغييره ،
فيبدأ بالتغيير باليد إن كان يستطيع ذلك ، كأن يكون مسئولا عن فاعل المنكر وله سلطة
عليه ، فإن لم يقدر على التغيير باليد : فلينكر باللسان ، بالأمر بالمعروف والنهي
عن المنكر والنصيحة بالتي هي أحسن ، ومن الإنكار باللسان : إبلاغ من يستطيع أن يمنع
هذا المنكر ، وعليه أن يبذل جهده في ذلك ، فإن عجز عنه فيجزؤه ويرفع عنه الإثم أن
ينكره بقلبه ، فإن قصر في إنكار المنكر بحسب استطاعته فهو شريك للعاصي في معصيته
وعليه إثم المعصية .
فإن بذل جهده وأدى واجبه في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولم يستجب له العاصي
فلا شيء عليه ، لأن الله تعالى قال : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ
أَنفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ
مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ )
المائدة/105.
قال الشيخ الشنقيطي رحمه الله :
"ومَن أنكر بحسب طاقته : فقد سلِم من هذه المعصية ، ومن رضي بها وتابع عليها : فهو
عاص كفاعلها " انتهى .
" أضواء البيان " ( 1 / 467 ) .
فعليك أن تنصح هؤلاء – أولاً – أن يتقوا الله تعالى ، وأن يكفوا عن سرقة مال غيرهم
، وعليهم أن يرجعوا ما أخذوه سابقاً ، فإن كفوا أيديهم فقد أحسنت إليهم وإلى صاحب
المال ، وإن أصروا على فعلهم فيجب عليك إبلاغ من يكفهم عن فعلهم هذا ، ولو بإبلاغ
صاحب المال نفسه ، ولا يُشترط أن تظهر نفسك أنك المبلِّغ عنهم ، بل يكفي أن ترسل
رسالة - مثلاً – لصاحب المال وتخبره فيها بحقيقة الأمر ، ويفضَّل أن يكون معها
وثائق تُثبت صحة كلامك ليؤخذ الأمر بعين الاعتبار والاهتمام ، وبذلك تكون قد برَّأت
ذمتك وأنقذت نفسك من الإثم .