هل يجب أن يقول الإنسان " أعوذ بالله من الشيطان الرجيم " في كل ركعة ؟ أم تكفي أول ركعة ؟.
الحمد لله.
أولاً :
أمر الله بالاستعاذة من الشيطان الرجيم عند تلاوة القرآن فقال تعالى : فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم النحل / 98 .
والاستعاذة معناها : الالتجاء إلى الله من شرِّ كل ذي شرٍّ ، فهي تقال لدفع الشرور عن الإنسان ، فكأن المستعيذ يقول : أستجير بجناب الله من الشيطان الرجيم أن يضرني في ديني أو دنياي أو يصدني عن فعل ما أمرت به أو يحثني على فعل ما نهيت عنه .
وقد ذهب جمهور العلماء إلى أن الاستعاذة مستحبة وليست واجبة .
المغني 2 /145
وذهب بعضهم أن الاستعاذة واجبة ، واستدلوا بالآية ، وأن الأمر يدل على الوجوب . وهو قول ابن حزم ومال إليه ابن كثير رحمه الله .
انظر : " تفسير ابن كثير " ( 1 / 14 ) .
واختارات اللجنة الدائمة أن الاستعاذة سنة .
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة :
الاستعاذة سنة فلا يضر تركها في الصلاة عمداً أو نسيانياً
فتاوى اللجنة الدائمة 6 / 381
ثانياً :
ومن صيغ الاستعاذة :
1- أعوذ بالله من الشيطان الرجيم .
2- أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم .
3- يزيد على الصيغة الثانية من همزه ونفخه ونفثه .
ومعنى الهمز : الخنق ، والنفخ : الكبر ، والنفث : الشِّعر .
انظر : " تفسير ابن كثير " ( 1 / 13 ) .
ثالثاً :
والاستعاذة تكون في الصلاة وغيرها ، ويكفي أن تُقرأ في الصلاة مرة واحدة في أول ركعة ، ولا يجب أن تقرأ في كل ركعة .
قال ابن قدامة :
وقد روى مسلم عن أبي هريرة ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نهض من الركعة الثانية استفتح القراءة بالحمد لله رب العالمين ، ولم يسكت " ، وهذا يدل على أنه لم يكن يستفتح ولا يستعيذ ...
فأما الاستعاذة فاختلفت الرواية عن أحمد فيها في كل ركعة ، فعنه : أنها تختص بالركعة الأولى ، وهو قول عطاء ، والحسن ، والنخعي ، والثوري ؛ لحديث أبي هريرة هذا ، ولأن الصلاة جملة واحدة فالقراءة فيها كلها كالقراءة الواحدة ...
والرواية الثانية ، يستعيذ في كل ركعة ، وهو قول ابن سيرين ، والشافعي ، لقوله سبحانه وتعالى : فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم ، فيقتضي ذلك تكرير الاستعاذة عند تكرير القراءة ، ولأنها مشروعة للقراءة ، فتكرر بتكررها ، كما لو كانت في صلاتين .
" المغني " ( 2 / 216 ) .
قال ابن القيم رحمه الله :
والاكتفاء باستعاذة واحدة أظهر .
زاد المعاد 1 / 242
وقال الشوكاني :
الأحاديث الواردة في التعوذ ليس فيها إلا أنه فعل ذلك في الركعة الأولى ...
فالأحوط : الاقتصار على ما وردت به السنة ، وهو الاستعاذة قبل قراءة الركعة الأولى فقط .
" نيل الأوطار " ( 2 / 231 ) .
رابعاً :
وقد اختلف الفقهاء في مكان الاستعاذة في الصلاة ، فقال قوم : تكون بعد القراءة وهو قول ضعيف .
وقال ابن كثير رحمه الله :
والمشهور الذي عليه الجمهور أن الاستعاذة إنما تكون قبل التلاوة لدفع الموسوس عنها .
" تفسير القرآن العظيم " ( 1 / 13 ) .
وقال الجصَّاص :
وقول من قال : " الاستعاذة بعد الفراغ من القراءة " : شاذ ، وإنما الاستعاذة قبل القراءة لنفي وساوس الشيطان عند القراءة ، قال الله تعالى : وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ، فإنما أمر الله بتقديم الاستعاذة قبل القراءة لهذه العلة .
" أحكام القرآن " ( 3 / 283 ) .