ينزل منى المنى بصفة يومية في شهر رمضان مما يمنعني من الصيام مع العلم أن هذا لا يحدث في الأيام العادية ، فهل هذا بسبب ضعف الإيمان؟ مع العلم أني لست مصاباً بأي أمراض ، وماذا علي أن أفعل خصوصاً أن أيام رمضان المباركة تمر دون أن أصوم؟ ملحوظة: ذهبت لأعتمر منذ شهر فحدث نفس الشيء . أيضا أرجو الإفادة .
الحمد لله.
لم يتضح لنا مرادك بقولك : " ينزل منى المنى بصفة يومية في شهر رمضان "
1- فإن كان المقصود : أنك تحتلم ، وينزل المني بذلك ، فهذا لا يؤثر على الصوم ، لأنه خارج بغير إرادة الإنسان .
2- وإن كان المقصود أن المني يخرج في اليقظة بغير فعل منك ، بل يخرج بنفسه ، وكنت متأكدا من كونه منيا ، فهذا يكون عن مرض غالبا ، وجمهور العلماء من الحنفية والمالكية والحنابلة - وهو الصحيح - أنه لا يوجب الغسل ، وراجع جواب السؤال رقم (84409).
ولا يفسد الصوم بخروج هذا المني ، لأنه خارج بدون إرادة واستدعاء .
قال ابن قدامة رحمه الله : " ولو استمنى بيده فقد فعل محرما , ولا يفسد صومه به إلا أن ينزل , فإن أنزل فسد صومه . فأما إن أنزل لغير شهوة , كالذي يخرج منه المني أو المذي لمرض , فلا شيء عليه ; لأنه خارج لغير شهوة , أشبه البول , ولأنه يخرج من غير اختيار منه , ولا تسبب إليه , فأشبه الاحتلام " انتهى من "المغني" (3/21) باختصار .
والحاصل : أن المني لو خرج بغير فعل من الصائم ، لا بيده ولا بالمباشرة أو تكرار النظر ، فإن صومه لا يفسد . وغالبا ما يكون خروج المني على هذه الصفة لعلة ومرض .
3- وأما من استمنى ، أي استدعى خروج المني بيده ، أو بتكرار النظر إلى ما يثير شهوته ، فهذا يفسد صومه ، مع الإثم الكبير ، لأنه ارتكب محرمين : الأول الاستمناء ، والثاني : تعمد الفطر في نهر رمضان ، وهو ذنب عظيم كبير ، وقد جاء فيه من الوعيد ما رواه ابن خزيمة (1986) وابن حبان (7491) عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( بينا أنا نائم إذ أتاني رجلان فأخذا بضبعيّ [الضبع هو العضد] فأتيا بي جبلا وعِرا ، فقالا : اصعد فقلت : إني لا أطيقه . فقالا : إنا سنسهله لك . فصعدت حتى إذا كنت في سواء الجبل إذا بأصوات شديدة ، قلت : ما هذه الأصوات ؟ قالوا : هذا عواء أهل النار . ثم انطلقا بي فإذا أنا بقوم معلقين بعراقيبهم ، مشققة أشداقهم ، تسيل أشداقهم دما، قلت : من هؤلاء ؟ قال : هؤلاء الذين يفطرون قبل تحلة صومهم . صححه الألباني في صحيح موارد الظمآن برقم 1509.
4- وقد يكون الأمر مشتبها عليك ، فلم تفرق بين المني ، وبين المذي والودي ، وكلاهما لا يفسد الصوم .
وإليك الفرق بين هذه الأمور :
فالمذي ماء رقيق لزج يخرج عند الملاعبة أو تذكر الجماع أو إرادته أو نظر ، وقد لا يحس به الإنسان .
والودي ماء أبيض ثخين ، يخرج قطرات بيضاء بعد البول غالبا. وكلاهما نجس ، ينقض الوضوء ، إلا أن نجاسة المذي أخف ، فيكفي فيه النضح ، وهو أن يعم المحل الذي أصابه بالماء دون عصر أو فرك .
ولا يجب الغسل منهما ، ولا يفسد الصوم بهما .
وأما المني فماء أبيض ، يخرج على وجه الدفق والشدة ، ويعقبه فتور ، والرطب منه له رائحة كرائحة العجين أو طلع النخل ، واليابس منه رائحته كرائحة بياض البيض ، وهو طاهر ، لكنه يوجب الغسل ، إلا إذا خرج يقظة بلا شهوة ، كما سبق ، فلا يجب الاغتسال منه.
وأما حصول ذلك معك وأنت مسافر للعمرة ، فإن كان ذلك احتلاماً وأنت نائم ، فيجب عليك الاغتسال ، ولا يجوز دخول المسجد الحرام ولا الطواف بالكعبة للجنب ، وإن كان ذلك نهاراً بدون شهوة ، فلا يجب عليك إلا الوضوء فقط .
ولعلنا بذلك نكون قد أجبنا سؤالك ، فإن كان هناك إشكال ، فأعد طرحه ، ويسعدنا تواصلك .
والله أعلم .