هل يتزوج نصرانية من عرب إسرائيل ؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد تعرفت على امرأة مسيحية من عرب إسرائيل ، وتريد أن نتزوج ، وتعتنق الإسلام ، وتترك ذلك البلد ، وتعيش معي في بلدي ، وتبعد تماما عن هذا المجتمع ، وتكون مسلمة ، ولكن هناك مشاكل وعقبات كثيرة كما تعلمون من الأقرباء والغرباء ولا أعلم ماذا أفعل ، أرجو المساعدة والنصيحة ، أأكمل معها أم أتركها في ظل تلك المشاكل - مع العلم أني أريدها أن تسلم وتبتعد عن هذا المجتمع - ؟ .
الجواب
الحمد لله.
أولاً :
اعلم أولاً أنك قد أخطأت بذلك التعرف على تلك المرأة الأجنبية ، وقد وضع الإسلام
ضوابط مهمة في علاقة الرجل بالنساء الأجنبيات ؛ حفاظاً على المسلم والمسلمة من
الوقوع فيما حرَّمه الله عليهما ، وفي ذلك حفظ للمجتمعات من انتشار الفواحش
والمنكرات ، وليس هذا فقط في علاقة المسلم بالمسلمة الأجنبية ، بل يشمل التحريم فعل
ذلك مع الكافرات ، وقد يسوِّل له الشيطان هذه المعصية بحجة الدعوة إلى الله .
وقد بيَّنا حكم المراسلات والمكالمات مع الأجانب ، فانظر أجوبة الأسئلة : (
22101 ) و (
26890 ) و (
23349 ) و (
10221 ) .
ثانياً :
وأما بالنسبة لحكم الزواج بالكافرات : فإنه حرام ، إلا أن تكون كتابية – يهودية أو
نصرانية - ، وقد يظن المسلم أن كل امرأة تعيش في أمريكا أو أوربا فهي نصرانية ، أو
أنها إن كانت تعيش مع اليهود فهي يهودية ، وهذا خطأ ، فكما أنه يوجد من ينتسب
للإسلام اسماً وهو علماني أو شيوعي : فكذلك يوجد عندهم – وبكثرة – من ينتسب لدين
بلده دون أن يكون لذلك واقع في حقيقة الأمر ، ولذا فمن أراد الزواج بغير المسلمة :
فلا بدَّ من تحقيق شروط في المرأة ، وهي :
1. أن تكون كتابيَّة – يهودية أو نصرانية – ولو كانت ملتزمة بدينها المحرَّف ؛ فإن
هؤلاء هم من أباح الله تعالى التزوج بهنَّ ، قال تعالى : ( وَطَعَامُ الَّذِينَ
أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ
مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن
قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ
وَلاَ مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ ... ) المائدة/5
.
وأما الملحدة والبوذية والمجوسية : فلا يجوز التزوج بهن ، قال تعالى : ( وَلا
تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ
مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ )
البقرة/221 .
2. أن تكون عفيفة ، ليست تمارس الزنا ، ولا تتخذ العشاق ؛ لقوله تعالى في آية
المائدة السابقة ( وَالمُحْصَنات ) ، وهنَّ العفيفات .
3. أن تكون الولاية للمسلم ، فلا تشترط عليه الزواج في الكنيسة ، ولا أن يكون
الأولاد تبعاً لها ، ولا غير ذلك مما فيها عزة لها ولدينها على حساب دينه ، قال
تعالى : ( وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً )
النساء/141 .
وهذا الشرط معدوم فيمن يتزوج امرأة من بلاد الغرب ؛ لأنه سيتحاكم لقوانينهم ،
وسيجعلون الوصاية لحكوماتهم على جميع أولاده ، وستقف حكومات أولئك النسوة وسفاراتهم
معهنَّ في حال أراد الذهاب بأولاده إلى بلاد المسلمين دون رغبتها .
ومع القول بجواز نكاح الكتابية ، إلا أن الشرع المطهر رغَّب بالزواج من مسلمة ذات
دين ؛ لأن حياة المسلم مع زوجته حياة كاملة وشاملة ففيها العفاف ، وغض البصر ، وحفظ
البيت والأولاد ، ورعايتهما ، وهذه الأشياء ومثيلاتها لا تتحقق إلا من امرأة مسلمة
متدينة .
وانظر جواب السؤال رقم ( 12283 ) - مهم -
، وجوابي السؤالين : ( 20227 ) و (
45645 ) ففيهما زيادة بيان وتوضيح لمفاسد
الزواج من غير المسلمة .
ثالثاً :
والذي ننصحك به هو أن تربط بين هذه المرأة وأخوات مسلمات من أقاربك أو غيرهن من
الداعيات إلى الله لحثها على الإسلام ، وإقناعها بالدخول فيه رغبة به ؛ لأنه يُخشى
أن يكون إسلامها مشوباً بتعلقها بك ، وعليه : فسيكون إسلاماً في الظاهر ليس له
حقيقة في واقعها ، كما أنه إن بقيت على كفرها فإنك لا تستطيع الزواج بها إلا برضا
وموافقة وليها الكافر – وتنتقل الولاية للسلطان المسلم – على قول لبعض أهل العلم -
في حال امتناع وليها الكافر من تزويج المسلم لإسلامه ، أو في حال عدم وجود من تنتقل
له الولاية من أهلها ممن هو على دينها - ، أما عندما تكون مسلمة فإنه إن لم يوجد من
هو مسلم من أوليائها : فسيكون القاضي الشرعي أو من يقوم مقامه وليّاً لها ؛ لأنه لا
ولاية لكافرٍ على مسلمة .
فإذا أسلمت فإننا نرى تخليصها من بيئتها بالزواج منها ، والانتقال معها إلى بلدك ،
على أن تحرص على أن لا تقع في معصية قبل ذلك من النظر إليها ، والخلوة بها ،
ومصافحتها ، إلى أن تعلم إسلامها عن رغبة وقناعة ، ويحسن إسلامها ، وتتزوجها وفق
الكتاب والسنَّة .
ويجب على المسلم أن يحتاط في أمر الزواج من الكتابيات ، وممن أسلمت بسبب تعلقها
بالزوج المسلم ؛ فإنه لا يؤمن أن يكون إسلامها رغبه في قضاء حاجتها العاجلة ، لا عن
قناعة تامة بالدين الذي انتقلت إليه ، وهو ما قد يؤثر على حياته وتربيته لأولاده ،
وفي كلا الصنفين خطر عليه وعلى أولاده ، وتزداد الحيطة إذا كانت يهودية أو كانت
تعيش بين اليهود ؛ لما عُرف عن اليهود من المكر والكيد للمسلمين ، واستغلال النساء
لذلك الكيد والمكر .
وانظر جواب السؤالين ( 20884 ) و (
33656 ) ، ففيهما بيان كيفية دخول المرأة
في الإسلام .
ونوصيك بصلاة الاستخارة ، وتجد تفصيلها في جوابي السؤالين (
2217 ) و (
11981 ) .
ونسأل الله تعالى أن يوفقك للتوبة الصادقة ، وأن يهديها للدخول في الإسلام ، وأن
يجمع بينكما على خير إن أسلمت وحسن إسلامها .
والله أعلم